انفجار شقة الهرم وما تلاه من تداعيات يكشف أننا لازلنا نواجه إرهابا حقيقيا يفكر ويخطط أمننا الداخلى، لأن المحتويات الداخلية للشقة سواء العبوة الناسفة أو حتى المضبوطات المختلفة للعناصر الإرهابية دليل واضح على خطورة الخلية الإرهابية التى كانت تسكن تلك الشقة.
فى المقابل، لا يمكن تجاهل أن السلاح الأساسى لمواجهة الإرهاب هو سلاح المعلومات، لأن المعلومة التى وردت للأجهزة الأمنية هى التى قادتنا إلى تحديد مكان تلك الشقة وهوية الإرهابيين، وهنا يبدو واضحا أن أجهزتنا الأمنية تحتاج منا فى هذا الوقت إلى الدعم المعنوى، لكى يتحصنوا فى مواجهة الإرهاب الغاشم.
يؤسفنى عزيزى القارئ أن أنقل إليك أنه فى الوقت الذى نتحدث فيه عن شهداء من الجيش والشرطة، يبدأ البعض منا بالترحم عليهم، ثم الدخول فى انتقاد واسع للجيش والشرطة، منصبين أنفسهم خبراء استراتيجيين.. نعم والله، تجد عبارات من نوع، لابد أن يكون الكمين متحركا وليس ثابتا أو أن الشرطة تطور أسلحتها وتبدأ فى دوريات ليلية بدلا من الدوريات النهارية، وترفع حالة الطوارئ بدلا من حالة السكون، وخبير المفرقعات يدخل برجله اليمنى وليس اليسرى قبل أن يفكك أى عبوة ناسفة.
وكأننا جميعنا نعرف فى الأمور العسكرية أكثر من هؤلاء الذين يضحون بأرواحهم بينما نحن جالسين على كراسينا نكتب فقط كلمات محدودة على مواقع التواصل الاجتماعى.. كلماتى ليست حكرا على أى مواطن من انتقاد الشرطة، أو حتى رفضا لأى رأى ضد الأجهزة الأمنية، ولكن محاولة للمواءمة، لاختيار الطريق الصحيح، متى وكيف تنتقد، متى وكيف تعبر عن رأيك فى أمور أمنية، علاقتك بها مثل علاقتك بطريقة عمل «المحشى»، لا أنا ولا أنت نعرف طبيعة عمل الجهاز الأمنى، ومن ثم ليس لنا الحق فى أن «الإفتاء» فى أى أمور أمنية، اتركوا التقييم للعالمين بأمور الأمن.
رحم الله شهداء الهرم والعريش..
على الجانب الآخر، لكى يتزن الطرح، قبل عام، كتبت مقالا أنتقد فيه ظهور عدد من اللواءات السابقين متحدثين فى أى أمور أمنية دون دراسة سابقة أو إلمام بالمعلومات، وكان المقال بعنوان «الخابور الاستراتيجى»، وقلت وقتها: الأصل من طرح إشكالية ظهور «الخابور» الاستراتيجى على وسائل الإعلام وحديثه عن كل شىء فيما يعلم وما لا يعلم، يأتى حفاظا على هيبة «الخبير الاستراتيجى الحقيقى»، حفاظا على اللقب الذى يحمل لدينا مزيدا من التوقير والاحترام، حفاظا على عشرات من الخبراء الآخرين أصحاب الدراسة العلمية والخبرة الطويلة والذكاء فى الحديث لوسائل الإعلام، وحفاظا على ألا تستغل كلمة «خبير» فى إدارة بيزنس خاص فى مجال الاستشارات الأمنية.. أخطاء «الخابور الاستراتيجى» المتكررة، تجعلنا نحن الشباب نتبنى وجهة نظر غير صحيحة عن العسكريين المتقاعدين، أنهم قد يتساهلون ويقبلون الحديث عن أى شىء فقط من أجل الظهور فى الإعلام، فقط من أجل «الشو»، رغم أن العسكريين هم الفئة الأكثر إيمانا بالتخصصات وبعدم الحديث فى غيرها.
نهاية القول: «مدنيين أو عسكريين سابقين».. من حقنا الانتقاد، لكن ليس من حقنا أن نكسرهم بكلمات موجعة، بنقد جارح، علينا أن نحافظ على الشعرة بين الانتقاد وبين التوبيخ وكأنهم لا يعرفون أى شىء عن الأمن أو التأمين.. صديقى الذى لا أعرفه.. اعلم تماما أن معنويات الأمن هى أهم سلاح فى المعركة مع الإرهاب، فلا تكن سببا فى فقدان معنويات شبابنا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة