هل تخشى مصر 25 يناير؟.. من يتابع بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعى سيتوصل إلى نتيجة بأن مصر مقبلة على ثورة جديدة فى ذكرى 25 يناير، فهناك توافق بين عدد من الشخصيات «الفيسبوكية» و«التويترية» على نشر أخبار ومعلومات كلها فى اتجاه واحد، هو تعظيم شكاوى الاختفاء القسرى لبعض الشخصيات، وإظهار الدولة فى شكل المرتبكة أمنيًا قبل 25 يناير، وأن هناك حالة من التخبط تظهر من تناثر أخبار عن تفتيش الشرطة عقارات وسط البلد، وغيرها من الأمور التى يسهل العثور عليها فور مطالعة أى من مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أن المروجين لها من الناشطين إلكترونيًا، ولديهم مشاركات كبيرة تسمح لهم بالانتشار الواسع، وتساعدهم فى ذلك أيضًا خدمات يمنحها القائمون على هذه المواقع للشخصيات المعارضة، تسمح لهم بالوصول إلى أكبر عدد من المشاركين على صفحاتهم.
هذا هو حال من يتابع هذه الحسابات، لكن من يترك الفضاء الإلكترونى ويتجه للشارع سيجد خلاف ذلك تمامًا، فليس هناك توتر، والحياة تسير على طبيعتها، والدولة تعمل بالطريقة التى حددتها سابقًا، ولم يطرأ عليها أى جديد ينبئ حتى بوجود قلق، ليس لأن الدولة لا تعطى اهتمامًا لما يقوله هؤلاء النشطاء على الـ«فيس بوك» و«تويتر»، ومحاولتهم تعبئة الشارع لصالحهم، ولكن لوجود اطمئنان بأن المصريين يدركون الأوضاع التى تعيشها مصر جيدًا، كما يشعرون بما تبذله الدولة من جهود لتغيير الواقع الأليم الذى مرت به على مدى السنوات الأربع الماضية، فرغم المشاكل الاقتصادية التى يعانيها البلد، فإن ذلك لم يمنع النظام الذى تولى المسؤولية العامين الماضيين من التفكير خارج الصندوق، والبحث عن حلول للأزمات، وعدم الوقوف مكتوف الأيدى أمام هذا الكم الكبير من المشاكل والأزمات، فلاقت هذه الحلول التى تحولت من أفكار إلى مشروعات على أرض الواقع قبولًا شعبيًا، وزادت من ثقة المصريين.
بالتأكيد الدولة تراقب ما يحدث ويجرى، لكنها ليست قلقة، لأنها تدرك أنها لم تفعل ما يغضب المصريين منها، بل إنها تعمل بقدر المستطاع للخروج من عنق الزجاجة التى كادت أن تخنق مصر حينما أراد الإخوان التضحية بالدولة لتبقى فكرتهم.
الدولة تراقب وتتابع ما يحدث، خاصة بعد دخلت على الخط بعض الأوساط الغربية التى بدأت تروج لمقالات وادعاءات تقول إن مصر لم يحدث بها أى جديد حتى الآن، وإن هناك تراجعًا، وإن مطالب الثورة لم تتحقق بعد خمس سنوات من ذكراها، بل إنها تذهب دومًا للتقليل من الخطوات الإيجابية التى تحدث، وآخرها عقد مجلس النواب جلساته، ليكتب بذلك إتمام خارطة الطريق التى تم الإعلان عنها فى الثالث من يوليو 2013، فالبرلمان من وجهة نظر هؤلاء ليس إلا وجهًا آخر للنظام، وإن غالبية أعضائه يمثلون النظام السابق، فى إشارة إلى نظام حسنى مبارك، يقولون ذلك دون أن يدركوا حقيقة كذبهم وادعاءاتهم، وأن هذا البرلمان جاء باختيار شعبى لم يكن للدولة أى تدخل فيه، وإن كان هو فعلاً ظهيرًا خلفيًا للدولة أو للحكومة، فلماذا يضعها فى موقف حرج حينما يعلن رسميًا رفض قانون الخدمة المدنية الذى دافعت عنه الحكومة باستماتة، لكنه فى النهاية لم يقنع النواب فرفضوه، فأين هو هذا الظهير الذى يتحدثون عنه؟!
هناك من يريد أن يخلق توترًا وقلقًا لا وجود لهما، لأنه لا يستطيع العيش أو الحياة إلا فى أجواء الفوضى، لكنّ المصريين يدركون جيدًا أن الداعين للفوضى ليسوا إلا قلة لا يهمها مصلحة مصر مادام هناك من يتحكم فيهم، وفى تصرفاتهم من الخارج، لذلك كلّى يقين بأن 25 يناير سيكون يومًا عاديًا جدًا، وإن حدث به شىء فلن يخرج عن الأجواء الاحتفالية التى يتذكر خلالها المصريون أجواء الـ18 يومًا التى عكست قدر الرقى والتحضر الذى يسكن داخل كل مصرى، كما أنهم سيعيدون تذكير أنفسهم ببطولات رجال الشرطة الذين اُختير يوم 25 يناير عيدًا لهم، خاصة أن الإرهاب مازال يحصد أرواح شهدائنا دون أن يبالى لحرمة الدين والدم.
سيحتفل المصريون بـ25 يناير، وهم يحتفلون لن ينسوا أن يكتبوا سطرًا جديدًا فى كتاب الوطنية الذى يلقن دعاة الفوضى دروسًا لن ينسوها، وسيكون هذا العام هو فصل الختام الذى سيوصد كل الأبواب أمام النشطاء الإلكترونيين الذين هدفهم نشر الفوضى فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة