25 يناير للإخوان بداية ونهاية، أجلستهم فوق مقعد السلطة فصعقهم، ووضعهم تحت شمس السلطة فحرقتهم، وكان ضروريا أن يحكموا ليسقط عنهم رصيد الخداع التاريخى، وتنهار مزاعم روجها النخبة وصدقها البسطاء، بأنهم «ناس طيبين» وجماعة معتدلة وتنتهج مسارات سلمية، ومن حقها أن تحكم إذا اختارها الشعب بصندوق الانتخابات.
فعليا.. مدت 25 يناير حبالها للإخوان حتى خنقوا أنفسهم بها، فالجيل التاريخى انتهى دوره السياسى والدعوى، وتغرب عنه الشمس داخل السجون والزنازين، ومع توالى صدور الأحكام بالإعدام والمؤبد، بدأت مقاومتهم فى الانهيار، ودب اليأس فى نفوسهم، رغم محاولاتهم الظهور بالثبات والجلد أثناء المحاكمات، وأسدل الستار على الرموز الإخوانية التاريخية، التى ظلت تدير وتحرك على مسرح الأحداث طوال خمسين عاما، بعد أن قادوا الجماعة إلى كارثة الاصطدام العنيف، بصخور مدببة تمثلها مؤسسات الدولة الصلدة، التى استهانوا بها ولم يعملوا حسابها.
وواقعيا.. غير الذين فى السجون، يتخبط جيل قيادات الإخوان الهاربين إلى الخارج، فى معركة «الأحلام اليائسة» ضد الدولة المصرية، ويبنون تصوراتهم الخاطئة، على فرضية أن أحداث 25 يناير يمكن أن يتكرر حدوثها، وينسجون أحلاما ضخمة تحت شعارات «استرداد الثورة»، وتضخيم التظاهرات الهزيلة لاتباعهم، ويخيل لهم بفعل هواجس الغربة والاغتراب، أن مصر ترقص فوق صفيح ساخن غضبا لرحيلهم، وأملا فى عودتهم، وأن ما يحدث فى تونس الآن علامة مبشرة، دون إدراك أو وعى بالمتغيرات الهائلة التى حدثت فى عام توليهم السلطة، وحصيلته «لقد نفد رصيدكم».
من المثير للغرابة بعد خمس سنوات من الأحداث الدرامية الصاخبة، أن يستمر الإخوان فى قراءة المشهد السياسى، بنفس الغباء المزمن المصاحب لهم منذ نشأتهم، ولم يفهموا أن الذى يميز مصر، أنها دولة عريقة ومتماسكة، وتستمد عوامل قوتها من أسباب ضعفها، ولديها القدرة على تحقيق الاستقرار لشعبها، و«لو» استوعبوا دروس صدامهم بالدولة منذ نشأة الجماعة، لتراجعوا ألف مرة عن الترويج لمخططات التآمر فى ذكرى 25 يناير.
فإذا كان المقصود هو رسالة للخارج، بأن مصر تعيش أجواءً من عدم الاستقرار، فعلى أرض الواقع تكسب الدولة المصرية مساحات واسعة شرقا وغربا، ويترسخ دورها كقوة إقليمية فى المنطقة، استطاعت أن تنجو من زلزال الجحيم العربى، وتحفظ وحدة أراضيها، وتنمى قدراتها الذاتية وتفوق جيشها، وكما لم تنجح الأخونة فشل التقزيم، وبات استقواء الإخوان بالخارج مثيرا للشفقة والرثاء، وشاهدا حيا على تراجع مفهوم الهوية الوطنية لصالح مشروعهم الخاص.
أما أكبر سيناريوهات الفشل الإخوانية، فهو تصعيد العمليات الإرهابية، التى ترتد كالمسمار الحاد فى نعش الإرهاب، والمؤيدين له والمتعاطفين معه، وأدت إلى أمرين جوهريين، الأول هو زيادة تلاحم عناصر القوة الثلاثة «الشعب والجيش والشرطة» للمضى فى الحرب ضد الإرهاب إلى نهايتها، والأمر الثانى هو سقوط القناع الإخوانى الكاذب، المرصع بخدع وأكاذيب مشروع الدولة الإسلامية، وكانت رسالة المصريين الجوهرية هى، ابحثوا لدولة الخلافة الإخوانية عن أرض غير مصر وشعب غير المصريين.
25 يناير للإخوان بداية ونهاية، وكانت حلما سعيد وكابوسا مزعجا، جماعة تحولت لعصابة، ورئيس أصبح جاسوسا، ومكتب إرشاد «كامل العدد» تغير محله المختار من المقطم إلى طرة.