طارق الخولى

سأحكى لابنتى عن ثورة الجدعان

الإثنين، 25 يناير 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سأحكى لابنتى.. عندما تكبر.. عن لقائى مع القدر.. فى 25 يناير 2011.. فى واحدة من أعظم الثورات.. التى عرفها ليس فقط التاريخ المصرى.. بل تاريخ الإنسانية كله.

فلن أتناول معها.. ثورة 25 يناير.. من زاوية رجمها.. أو حتى مغازلتها.. إنما تحليلها بهدوء.. وبعيداً عن أى تعصب فكرى أرعن.. لنترك للتاريخ شيئاً.. يعاونه على صياغة حقائقها.. فى ظل نهر الشائعات.. التى تسبح فى مجرتها.. فالثورات دائماً ما تحتاج.. فى رصد أحداثها.. ونتائجها.. وأطرافها.. إلى جراح ماهر.. يستطيع أن يتحسس شرايينها الدقيقة.. والتداخلات فيما بينها.. ففى ظهيرة 25 يناير 2011م.. توقف التاريخ ليترقب.. ويسجل.. مشهداً من أعظم ما شهدته مصر.. على مدار عمرها الطويل.. حيث انتفض المصريون.. ليمهدوا الطريق.. ويشيدوا بأجسادهم جسراً.. كى تعبر الحرية.. إلى مصرنا الحبيبة.. ففى لحظة واحدة.. اندفعت أمواج البشر.. فى تناغم حركى بديع.. فى اتجاه واحد.. هو ميدان التحرير.. فكسروا حاجز الخوف.. الذى شُيد على مدار ثلاثة عقود.. لتعلو صيحات الجموع الحاشدة.. تنادى بالعيش.. والحرية.. والعدالة الاجتماعية.. والكرامة الإنسانية.. حيث لم أستطع.. وأنا وسط الحشود.. أن أوقف نزيف الدموع.. التى انهمرت من عينى كالسيل.. فرحاً باليوم.. الذى داعب أحلامى كثيراً.. ليسقط النظام العجوز.. يوم 11 فبراير 2011م.. لتتحول مصر بتضحيات أبنائها.. إلى عروس فى ليلة عرسها.. فى نهاية الـ 18 يوماً الأولى للثورة.

فعندما قامت ثورة يناير.. شيدت الآمال.. وشردت الأحلام.. فى استعادة مصر عظمتها.. لتصطدم بالمتآمرين والمتأسلمين.. الذين هتكوا عرض الثورة.. ثم ذبحوا الوطن.. بسلاح التطرف والنفاق والكذب.. فى عهد حكم الإخوان.. الذى لم يكتفوا.. باغتيال أحلام الأنقياء من الثوار.. والبسطاء من الشعب.. إنما استباحوا حرمة مصر كلها.. فأرادوا بيع عرضها.. إلى أراذل البشر.. لتقاوم مصر البذاءات والطعنات.. ليس فقط من الغرباء.. إنما أيضاً من بعض أبنائها.. الذين خانوها.. لتسقط فى بئر عميقة.. وتدخل الإنعاش.. وتكاد أن تموت.. لولا أن جاءتها الصدمات الكهربائية.. فى الثلاثين من يونيو 2013م.. ليهبها الله عز وجل.. الحياة من جديد.. وهى على فراش الموت.. ليتجدد الأمل فى أن تتعافى.. فمصر الآن.. فى مرحلة النقاهة.. تحاول أن تتماسك.. وتدفع ما ألَمّ بها من طعنات.. فى لحظات التيه.. التى مرت بها.. خلال رحلتها.. فى محاولة استعادة شبابها ورونقها القديم.. ليتجدد الأمل لدى أبنائها المخلصين.. بعد أن مرت مرحلة حكم الإخوان البغضاء.. ليس فقط فى أن تتنفس.. إنما لتركض مسرعة.. تجاه التقدم والرقى.. فتطير إلى الآفاق.. فُتعد برامج تأهيلها وإعدادها لسباق العدو.. نحو المستقبل.

ففى الذكرى الخامسة لثورة يناير المجيدة.. ما زال قلبى وعقلى.. ينتميان إليها.. لكن حبى لهذه الثورة المجيدة.. لا يمكن أن يعمينى عن أخطائها.. ولا حتى عن المؤامرات.. التى حيكت على أطرافها.. فأنا أحبها ولا أعبدها.. لكن من يرى 25 يناير.. مؤامرة بحتة.. لم يحاول أن يتلمس كبد الحقيقة.. بعيداً عما يدور.. فى فلك سمعة الثورة.. من خزعبلات لا منطق لها.. فإذا ما ثار شعب.. فاض به الكيل.. من الاستبداد وسيطرة قلة من البلطجية.. على خيرات مصرنا.. تاركين الفتات.. للسواد الأعظم من شعب.. ناله فقر مدقع.. ومرض عضال.. وجهل خلفه حكم ديكتاتورى–شاخ وترهل – يسيطر من خلاله.. على البسطاء.. فكيف يتحول الإعلان عن أوجاعه.. والموت من أجلها.. إلى مؤامرة؟!

فأعتقد أن معارك.. كون 25 يناير.. ثورة أم مؤامرة.. قد صارت جدلاً عقيماً.. لا يسمن ولا يغنى من جوع.. فمصر ماضية.. ولن يستطيع أحد بعون الله وحوله.. أن يعرقل طموحاتها.. الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. فبانعقاد البرلمان.. قد اكتملت مؤسسات الدولة.. لنحلق بمصر عالياً.. حتى نستطيع مواجهة تحديات كثيرة.. فنحن نخوض.. حرب بقاء.. للحفاظ على تماسك كيان الدولة المصرية.. فى فترة حالكة السواد.. فى عمر أمتنا العربية.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة