ووفقًا لما أكده مكتب المدعى العام الأسترالى، "جورج برانديس"، فى تقرير سابق له، فى ديسمبر الماضى، فإن داعش حدد إندونيسيا كأرض ممكنة لتحقيق طموحاته.
ومن الجدير بالذكر أن 22 جماعة فى جنوب شرق آسيا، قد أعلنوا الولاء لأبى بكر البغدادى، ودعمهم لتنظيم داعش، ومن المثير كذلك أن عددًا كبيرًا من الجماعات المسلحة فى الفلبين وإندونيسيا، تتقارب أنشطتها من داعش بشكل مستمر، كما أن بعض هذه الجماعات تعمل على نشر دعاية تنظيم داعش، وتعمل على تنظيم سفر مسلمى جنوب شرق آسيا، للانضمام لصفوف تنظيم داعش فى العراق وسوريا.
وتابع التقرير: كما ظهر مقاتلون إندونيسيون فى مشاهد ترويجية مصورة بثها تنظيم داعش، وقد أعلنت الشرطة الإندونيسية العام الماضى أنها أفشلت خطة لإحداث تفجيرات خطط لها تنظيم "داعش".
وفى نهاية ديسمبر 2015، ألقت الشرطة الإندونيسية القبض على ثلاثة أشخاص يُشتبه فى ارتباطهم بتنظيم "داعش" خلال عملية شنتها فى مقاطعة سولاوسى الوسطى ضد الداعية المتشدد "سانتوسو"، والذى أعلن وثلاثين من أنصاره ولاءهم لـ"داعش".
أحداث جاكرتا الأخيرة
تبنى تنظيم داعش المسؤولية عن 7 انفجارات قوية، 6 منها متزامنة، هزت وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا، أحدها وقع على مقربة من مكتب الأمم المتحدة، صباح الخميس الماضى 14 من يناير2016م، ولقى "8" أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب آخرون بجروح، بحسب تصريحات الشرطة، كما أعلن وزير الأمن الإندونيسى "لوهوت بانجايتان" "مقتل خمسة إرهابيين". وأضاف أن هناك مدنيَين (هولندى وإندونيسى) قد قُتلا أيضا. كما أفادت تقارير إعلامية بأن موظفًا فى الأمم المتحدة أصيب بجروح فى هذه الانفجارات.وقال متحدث باسم الشرطة الإندونيسية: إن ما بين 10 و14 مسلحًا شاركوا فى تلك الهجمات
الأزهر الشريف يدين تفجيرات جاكرتا الإرهابية
فى الوقت نفسه أعرب الأزهر الشريف عن إدانته الشديدة للتفجيرات التى شهدتها العاصمة الإندونيسية جاكرتا على يد تنظيم "داعش" الإرهابى، والتى أسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى الأبرياء الذين اغتالتهم يد الإرهاب السوداءوأكد الأزهر الشريف أنَّ الإسلام برىء من هذه الممارسات الإرهابية النكراء ومن هؤلاء المجرمين الذين تجردوا من أقل معانى الإنسانية، وأن تلك الأفعال اليائسة لا تمت للإسلام بصلة وهو منها براء، مطالبا كافة الدول بضرورة التصدى لتلك الجماعات المتطرفة لتخليص العالم من شرورها وآفاتها.
والأزهر الشريف إذ يستنكر هذه الأعمال الإجرامية، فإنه يعزى جمهورية إندونيسيا حكومة وشعبًا فى ضحايا الإرهاب الغاشم، سائًلا الله -عز وجل- أن يتغمد الضحايا بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل، وأن ينعم على إندونيسيا وكل دول العالم بالأمن والأمان.
هجمات متكررة وتاريخ من العنف المسلح
خلال السنوات القليلة الماضية، أصبح وجود الجماعات الإسلامية المسلحة ملموساً فى إندونسيا، ويتعرض بعضها لاتهامات بأنها على علاقة بالقاعدة، بما فيها الجماعة المسؤولة عن تفجيرات جزيرة "بالى" الدموية عام 2002، التى أسفرت عن مقتل 202 شخص، حيث تواجه إندونيسيا مطالب بالاستقلال فى العديد من الأقاليموخاضت إندونيسيا مواجهة طويلة مع الإرهاب المحلى المنشأ، وخاصة تنظيم "الجماعة الإسلامية"، الذى أعلن مسؤوليته عن تنفيذ 11 هجوما خلال الفترة ما بين عامين 2000 و2010، بالإضافة الى تفجير "بالى" 2002، وقع هجوم فى 5أغسطس 2003 على فندق الماريوت بجاكرتا، حيث قام انتحارى بتفجير سيارة ملغومة خارج بهو فندق جى دبليو ماريوت، مما أسفر عن مقتل 12 شخصًا وجرح 150 واتهمت السلطات الإندونيسية «الجماعة الإسلامية» بأنها وراء الهجوم.
وفى 9 سبتمبر 2004 وقع تفجير السفارة الأسترالية فى جاكرتا، حيث انفجرت سيارة ملغومة بطن من المتفجرات، خارج السفارة الأسترالية فى منطقة كونينجان، جنوب العاصمة الإندونيسية، مما أسفر عن مقتل 9 أشخاص من بينهم الانتحارى نفسه، وإصابة أكثر من 100 آخرين، وأعلنت "الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا" التابعة لتنظيم القاعدة مسؤوليتها عن التفجير.
وفى 1 أكتوبر 2005، شهدت جزيرة بالى، ثانى هجوم إرهابى، حيث تم استخدام عدد من القنابل الانتحارية وسلسلة من السيارات المفخخة والهجمات، وأسفر الهجوم الإرهابى عن مقتل 20 شخصا وجرح أكثر من 100 آخرين ومقتل ثلاثة من الانتحاريين فى الهجمات، التى تبنتها "الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا" التابعة لتنظيم القاعدة.
كما قتل أكثر من 50 شخصا فى تفجيرات نفذتها الجماعة الإسلامية، فى 17 يوليو 2009، داخل فندق ريتز كارلتون بالعاصمة جاكرتا، حيث تم التفجير بواسطة انتحارى يحمل حقيبة متفجرات داخل الفندق، كما وجهت سلطات جاكرتا الاتهامات إلى الجماعة الإسلامية بالتورط فى مؤامرة لاغتيال الرئيس سوسليو يوديونو ومسؤولين حكوميين آخرين فى العاصمة جاكرتا فى يوم ذكرى الاستقلال 17 أغسطس 2010.
وفى 15 إبريل 2011، فجّر انتحارى عبوة ناسفة فى مسجد بمجمع للشرطة فى مدينة سيريبون أثناء خطبة صلاة الجمعة. وأسفر التفجير عن مقتل 28 من المصلين داخل المسجد، وتبنته "الجماعة الإسلامية فى إندونيسيا" وبررته باعتقال الشرطة لأفرادها.
ويقول خبراء مكافحة الإرهاب إن الجماعة الإسلامية تعطلت فقط لكن لم يقض عليها. ويشيرون إلى أن الجماعة الإسلامية فى جنوب شرقى آسيا قد أعدت جيلا جديدًا من المتشددين لتنفيذ مزيد من التفجيرات على شاكلة تفجير بالى، حيث تدرب قادة فى مدارس دينية فى إندونيسيا وباكستان، وسبق لتنظيمات أصغر حجمًا أن أعلنت مسؤوليتها عن عمليات أخرى، بما فيها عام 2005 حيث قامت مجموعة مسلحة بقطع رؤوس ثلاثة من المراهقين المسيحيين.
داعش" فى إندونيسيا.. المشهد الآن
تمثل تفجيرات جاكرتا الأخيرة التى وقعت يوم الخميس 14 يناير، مشهدًا مهمًا فى تاريخ الإرهاب الأسود بإندونيسيا، حيث تعد هذه التفجيرات تدشينا رسميا وقويا لتنظيم "داعش" الإرهابى فى البلاد، على حساب الإرث التاريخى لتنظيم "القاعدة.كما تمثل تفجيرات "جاكرتا" ضربة قوية لجهود الدولة الإندونيسية فى مواجهة الإرهاب والتى نجحت فى السنوات الماضية فى كبح الجماعات الإرهابية والمتطرفة ولكن يمثل ظهور "داعش" دعمًا قويا لعودة بعض هذه الجماعات للعمليات الإرهابية، مما يمثل عبئًا أمنيًا واقتصاديًا وسياسيًا على الدولة الإندونيسية، فهل ستنجح جاكرتا فى هزيمة "داعش"؟ تساؤل ستجيب عنه الأيام القادمة بما تحمله من أحداث، ونأمل أن يحفظ الله بلاد المسلمين من شرور الإرهاب وآفات التطرف الذى يطل برؤوسه هنا وهناك ويستبيح بلاد المسلمين شرقًا وغربًا ينشر فيها الرعب ويبث فيها الخوف طمعا فى أن يجد موطأ قدم له فى هذه البلاد التى حققت طفرة كبيرة فى مجال التنمية والتقدم بجوار ماليزيا المسلمة أيضا فهل يريد من يقفون خلف هذه الجماعات ألا يتركوا مكانًا ينعم فيه المسلمون بحياة هادئة وإلا اقتحموا عليهم بلادهم وهددوا أمنها واستقرارها؟ ولكن هل تقف الدول الإسلامية مكتوفة الأيدى أمام هذه المؤامرات التى تحاك بها لاسيما وأن الدول المستهدفة فى جنوب شرق آسيا بلاد تنعم بالتقدم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة