نواصل اليوم سرد يوم الملحمة لقوات الشرطة فى ذكرى عيدهم الذى يوافق 25 يناير، حيث تقول المراجع، إن فؤاد سراج الدين وزير الداخلية وقتها ظل ساكنا قلقا على جنوده، أما فى مبنى الإسماعيلية عندما انتهت مكالمة فؤاد باشا، وخروج الملازم أول مصطفى فهمى من غرفة التليفون فإذا بقذيفة دبابة تدمر تلك الغرفة، ويستشهد عامل التليفون.
وتبدأ المعركة.. وظلت الاشتباكات مستمرة، وتمت إصابة العديد من أفراد البوليس، واستشهاد آخرين، فما كان أن خرج الملازم أول مصطفى فهمى إلى «إكس هام»، وعند خروجه توقفت الاشتباكات وظن الإنجليز أن الجنود سيستسلمون، ولكن فوجئ «إكس هام» بأن الملازم أول مصطفى فهمى يطلب منه الإتيان بالإسعاف لإسعاف المصابيين وإخلائهم، ولكن «إكس هام»، رفض واشترط لخروج الجنود المصابين أن يستسلموا فرفض الملازم أول مصطفى فهمى تلك الفكرة، ورجع إلى جنوده، وظلت الاشتباكات سارية، وكثر المصابون الذين استشهدوا وكان من فقد يديه أو قدميه أو الاثنين معا، ورغم ذلك رفضوا أن يستسلموا، وخلال تلك الاشتباكات كان أهل الإسماعيلية يتسللون إلى مبنى المحافظة لتوفير الغذاء والذخيرة والمسدسات رغم حصار الدبابات الإنجليزية للمبنى واستشهد، وأصيب منهم العديد، وعند قرب انتهاء الذخيرة ورفض قوات البوليس الاستسلام قرروا أن يقرأوا الفاتحة، ونطق الشهادتين، حيث لا مفر من الاستشهاد، وقال الملازم أول مصطفى فهمى لزميله الملازم أول عبد المسيح، بأنهم يريدون أن يقرأوا الفاتحة، فما كان من الملازم أول عبد المسيح سوى أن قال: وأنا سأقرأ معكم الفاتحة، على الرغم بأنه مسيحى الديانة، وكانت تلك لحظة تدل على مدى اقتراب المصريين من بعضهم وعدم اكتراثهم باختلاف الديانة.
وبعد ذلك طفح الكيل بالملازم أول مصطفى فهمى فقرر أن يخرج ويقتل «إكس هام»، ويتخلص من ذلك الحصار، وكان جنوده يجذبونه ويمنعونه من الخروج، ولكنه أبى، وكان كل جندى يقول الشهادتين، حيث إنهم فى أى وقت سيستشهدون وخرج الملازم أول إلى «إكس هام» لقتله، وعندما خرج الملازم أول مصطفى فهمى توقف الضرب كالعادة، وفى نيته قتل «إكس هام»، والاستشهاد بالطبع فإذا به بعد أن خرج من مبنى المحافظة فوجئ برتبة من الجيش الإنجليزى ويبدو أنها أعلى من «إكس هام»، يقوم بتحية الملازم أول مصطفى فهمى التحية العسكرية، فما كان من الملازم أول مصطفى فهمى إلى أن يبادله التحية، وتبين أن تلك الرتبة هو الجنرال ماتيوس، وهو قائد القوات البريطانية فى منطقة القناة بالكامل.
وتحدث الجنرال ماتيوس إلى الملازم أول مصطفى فهمى، وقال له بأنهم فعلوا ما عليهم، بل أكثر وأنهم وقفوا ودافعوا عن مبنى المحافظة ببطولة لم تحدث من قبل، وأنهم أظهروا مهارة غير عادية باستخدامهم البنادق التى معهم، ووقوفهم بها أمام دبابات وأسلحة الجيش البريطانى المتعددة، وأنه لا مفر يجب أن يستسلموا بشرف مثلما دافعوا عن مكانهم بشرف. فوافق الملازم أول مصطفى فهمى على ذلك مع الموافقة على شروطه وهى أن يتم نقل المصابين والإتيان بالإسعاف لهم، وأن الجنود التى تخرج من المبنى لن ترفع يديها على رأسها وتخرج بشكل عسكرى يليق بها مع تركهم لأسلحتهم داخل المبنى، فوافق الجنرال ماتيوس على تلك الشروط، وتم خروج قوات البوليس بشكل يليق بها، وهم فى طابور منظم.
لقد فقدت مصر واستشهد من أفراد البوليس المصرى فى ذلك اليوم ما لا يقل عن 80 جنديا قاتلوا، وأصابه أكثر من 120 جنديا قاتلوا ببسالة، ووقفوا أمام المحتل الأجنبى، رافضين الاستسلام مهما كلفهم ذلك من تكلفه.
فتحية لهؤلاء الأبطال وشعب الإسماعيلية الذى ساندهم وضحى بما هو غال ونفيس من أجل الدفاع عن وطنه. انتهت الأسطورة ولم تنته تضحيات رجال الشرطة حتى اليوم، والدليل كتائب الشهداء اليومية، ومازالوا يحملون شعار «الوطن أهم من أرواحنا».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة