أؤكد أن ما قام به الممثل التافه "أحمد مالك" والمراسل التافه لبرنامج "أبلة فاهيتا" شادى حسين، من سلوك شاذ وغير مقبول، مع مجموعة من المجندين البسطاء فى ميدان التحرير يوم 25 يناير الماضى، خلال الفيلم الذى قاما بعرضه على موقع اليوتيوب، وظهر فيه مالك وهو ينفخ (واقى ذكرى) وكتب عليه (هدية للشرطة فى عيدها) وتقديمه لعدد من المجندين كهدية فى صورة بالونات، ما هو إلا أحد السلوكيات الشاذة والرديئة التى ظهرت فى المجتمع المصرى بعد ثورة يناير 2011، والتى انهارت معها كثير من القيم والعادات والتقاليد الجميلة التى كانت موجودة فى المجتمع، وجعلت السواد الأعظم من الشباب يتصورون أنهم أكبر من أى شىء أو أى سلطة فى البلاد، حتى لو كانت تلك السلطة هى الرئيس، أو الجيش، أو الشرطة، أو الأب أو الأم، أو العم، أو الخال، أو الكبير أى كان وضعه أو مكانه.
بعد أن صور لهم تفكيرهم العقيم، أن ما فعلوه فى الثورة يسمح لهم بتكسير وتدمير كل القيم والسلطات، ولاسيما فى ظل الضعف والوهن الذى أصاب الدولة فى ذلك الوقت، مما شجع الكثيرون على الاستمرار فى ذات السلوكيات، التى تحولت إلى ظواهر، وأصبحت الآن بمثابة عرف سائد لدى الأجيال الصغيرة التى واكبت الثورة، وقطاع عريض من فئات محددة من الشعب، أفرغت يناير 2011 من كل نتائجها الإيجابية.
أؤكد أن سلوك (مالك وشادى) ما هو إلا امتداد لظواهر فوضى الإشغالات والتعدى على الأراضى الزراعية والبلطجة، وعصابات السرقة بالإكراه، وحمل السلاح، والتكاتك، والغش، والسرقة، واستحلال المال العام، والاستهانة بحياة وصحة المصريين، وغيرها من السلوكيات الشاذة التى تجتاح الشارع المصرى منذ ما بعد ثورة يناير، والتى أعتقد أنها ستظل سائدة، وستتأصل إن لم تتحرك السلطتان التنفيذية والتشريعية فى البلاد فى الإسراع بإصدار (تشريعات رادعة) تقضى على حالة الفوضى والتطاول على السلطات، والسلوكيات الشاذة، وتعيد الانضباط والقيم الجميلة إلى المجتمع المصرى.
بغير هذا، أعتقد أن الشجاعة المفرطة التى أبدتها القيادة السياسية الحالية فى مصر، من تحد للنفس لوأد الكثير من المؤامرات الداخلية والخارجية التى أحاطت ومازالت تحيط بالبلاد، والدخول لإنجاز العدد من المشروعات القومية الضخمة دفعة واحدة، جميعها ستذهب هباء أمام تلك الظواهر السلبية والأمراض الاجتماعية، التى توغلت فى جسد المجتمع المصرى، وأصبحت بمثابة سرطان خبيث ينتشر ويكاد يقضى على المجتمع بأثره، إن لم يتم استئصاله.
أؤكد أن ما فعله (مالك وشادى) ما هو إلا امتداد لـ(قصور تشريعى) رهيب، يجب أن تتدخل كل السلطات فى البلاد لتداركه بتشريعات (حازمة، ورادعة، وواضحة، ومباشرة) لا تحتمل التأويل، فالأمر أصبح لا يحتمل الطبطبة، والمهادنة، وسياسة مسك العصا من المنتصف، فليس هناك بعد التطاول على الجميع، واحتلال الشارع العام بالقوة، والاستيلاء على أراضى الدولة بالبلطجة، وبيع لحم الحمير والكلاب، وطرح الأدوية مغشوشة لأصحاب الأمراض المزمنة، وانتشار السلاح بكافة أنواعه فى أيدى كثير من الفئات، وجميعها ظواهر لم نعهدها ولم نشهدها سوى بعد ثورة يناير.
الأمر ليس بالصعب، ولكنه يحتاج فقط إلى تشريع يردع كل متطاول على قيم وسلوكيات وأعراف المجتمع، وقد ذكرت من قبل التجربة الصينية الفريدة مع (حرب الأفيون) التى نجح البريطانيون خلالها إلى تحول الشعب الصينى بأكمله إلى مدمن للأفيون، مما دعا الإمبراطور الصينى "يونج تشينج" إلى إصدار تشريع يقضى بإعدام كل من (يزرع، أو يهرب، أو يتاجر، أو من يتعاطى الأفيون) لإنقاذ البلاد من الكارثة، وبالفعل اختفى الأفيون وتعافى الشعب فى يوم وليلة، بفضل هذا التشريع، وتحولت الصين إلى ما هى عليه الآن.
أؤكد أن ما فعله (مالك وشادى) سوف يمتد ويتطور إلى ما هو أسوأ، إذا لم نتدارك كل الظواهر المقيتة التى ظهرت بعد يناير 2011 بتشريعات رادعة، خالية من الثغرات، والمراوغة، والعبارات المطاطة، وإلا فلا نلوم إلا أنفسنا عما هو قادم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة