ربما تكون المصادفة وحدها هى صاحبة دور البطولة فى أن يتزامن افتتاح معرض القاهرة الدولى للكتاب الذى تشارك فيه قطر بصفة رسمية مع إجراء تغيير وزارى فى الدوحة ليتم استبعاد خالد بن محمد العطية من وزارة الخارجية، ويأتى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى وزيرا للخارجية، وهو الأمر الذى تلقاه المراقبون فى مصر بمزيد من الارتياح والتفاؤل، فوزير الخارجية الجديد كان، بحسب وصف المراقبين، مهندس تفاهمات المصالحة مع مصر، التى جرت برعاية من الراحل عاهل الحرمين الشريفين الملك عبدالله، وكان من آثارها إعلان قطر ترحيل 17 قياديا من جماعة الإخوان المسلمين عن أراضيها، وإغلاق قناة الجزيرة مباشر مصر، وقد كان «عبدالرحمن آل ثانى» وقتها مساعدا لوزير الخارجية القطرى، أما الآن فقد أصبح الرجل الأول فى الخارجية القطرية، وهو ما يفتح أبواب الاحتمالات لأن تشهد المنطقة تغيرا فى علاقة مصر بقطر حتى ولو بشكل طفيف.
المتابع للصحف القطرية فى الفترة الأخيرة سيلحظ أن هناك تغيرا «ما» حدث فى لهجة الخطاب الموجه إلى مصر، فقد احتفت الصحف والمواقع الإلكترونية القطرية بمشاركة الدوحة فى معرض الكتاب بشكل كبير، حتى إن الخبر الذى تم تداوله منذ عشرة أيام عبر وكالة الأنباء القطرية ما زال يتصدر الصحف والمواقع القطرية حتى كتابة هذه السطور، والملاحظ أيضا للصحف القطرية سيكتشف أنها تناولت زيارة الرئيس الصينى «شى جين بينج» إلى القاهرة بلهجة مختلفة، فقد أبرزت أحاديث «بينج» الإيجابية عن القاهرة، كما أبرزت أخبار الزيارة الإيجابية، سواء فى شأن الاتفاقات الاقتصادية أو فى شأن التفاهمات السياسية، وهو الأمر الذى يوحى بأن شيئا ما حدث تجاه التوجهات السياسية القطرية نحو القاهرة، برغم أن «الجزيرة» ما زالت على عهدها المحرض.
لا أريد أن أبدو متسرعا فى الحكم على المستقبل، لكن على ما يبدو أن الفترة المقبلة ستشهد اختلافا تكتيكيا فى استراتيجية قطر تجاه مصر، وفى اعتقادى أن القيادة السياسية المصرية سترحب بأى تحول إيجابى فى الموقف القطرى، بدليل أن الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عز أزمات مصر مع قطر تبادل الحديث مع الأمير القطرى، وقال له: أبلغ السيدة «موزة» اعتذارى عن الإساءة لها فى وسائل الإعلام المصرية، ففى ميادين السياسة لا وجود للخصام المطلق أو التفاهم المطلق، وإنما لكل حدث حديث، ولكل مرحلة شروط، وفى ظل التغيرات العاصفة التى تشهدها المنطقة، سواء على الجانب السياسى أو الاقتصادى ربما يكون من الملائم صياغة علاقات جديدة فى المنطقة، خاصة أن المنطقة ستشهد خلال الفترة المقبلة تغيرات جذرية بعد رفع الحظر عن إيران.