كثيرا ما نجد أحداثا تتصاعد إعلاميا وتسيطر على المشهد وتصبح قضايا رأى عام وربما تهدد النظام بأكمله، احتجاجات ومظاهرات تخرج الشارع تفاعلا مع قضية ربما لا يوجد لها ظل فى الواقع، لكن عددا من النشطاء فرضوها على الجميع بمهارة واحترافية، نجد أحيانا قضايا وفيديوهات وصور تنتشر على فيس بوك لتجاوزات لضباط شرطة فى حق مواطنين وترتفع معها نغمة الهجوم على الشرطة ومطالبات بمحاكمات لقيادات الداخلية وكلام عن عودة الشرطة لانتهاكاتها كما كانت من قبل، وفجأة يخرج ملف الاختفاء القسرى وينفجر فى وجه المجتمع ويتم تصديره بمنطق أنه ظاهرة وأن الدولة هى التى تقف وراء هذه الظاهرة، ومنه ندخل فجأة إلى ملف التعذيب فى السجون بقصص وشهادات تروى وتكتب على كل المواقع ونماذج تخرج على بعض الشاشات، ثم يصدمنا ملف التهجير القسرى لسكان المنطقة الحدودية فى رفح ونسمع عن حكايات لمهجرين رغما عنهم وتقارير دولية تصدر متزامنة مع اثارة القضية تساندها صور مركبة عبر الانترنت، وفى كل مرة نصبح أمام قضية مجتمعية خلاصتها أن الدولة تمارس كل الأساليب القمعية والسلطوية.
والمفاجأة التى لا يعلمها أغلبيتنا أن كثير من هذه الملفات والقضايا التى تستهدف تشويه الدولة لا تظهر مصادفة وليس لها ظل فى الواقع وإنما هى قضايا وأحداث مرتبة ومدبرة ومفبركة، وتقف وراءها جهات أجنبية تستهدف هذا التشويه وتصدير مشهد عدم الاستقرار الداخلى، فهناك جهات تنظم دورات تدريبية لمن يتم تجنيدهم من الشباب المصرى وتحديدا من يمثلون جيل جديد من العاملين فى المجال الحقوقى أو من يعملون كمراسلين صحفيين فى وكالات تحركها وتمولها جهات مخابراتية على مهارات صناعة الحدث، وهدف هذه الدورات هو كيف يشعلوا المجتمع بأحداث مفبركة، كيف يمكن لهؤلاء المأجورين أن يصنعوا قضية ولو وهمية ثم ينفذوا خطة تضخيمها إعلاميا وحقوقيا وصولا إلى مرحلة الحشد المجتمعى لمساندة القضية وتبنيها، ثم النزول إلى الشارع تعاطفا مع القضية أو دعما لها ودفاعا عنها وللأسف نتلقف هذه القضايا على أنها حقيقة ونتعاطف معها بل ونهاجم الدولة ونتبنى مطالب من صنعوها وأوهمونا بها، رغم أن الواقع قد يكون عكس ذلك تماما
بالتأكيد هناك قضايا حقيقية وهناك تجاوزات وأخطاء من بعض أجهزة الدولة، وتحديدا من بعض رجال الشرطة، لا يجب التستر عليها أو تبريرها بل محاسبة مرتكبيها أمر لا غنى عنه لحماية الدولة نفسها وطمأنة المواطنين، لكن ليس كل ما يقدم لنا من قضايا حقيقى وإنما بعضه إن لم يكن كثير منه مفبرك ويمرر لنا من خلال محترفى صناعة الأحداث.
وهذه هى الكارثة، أننا نسهم بسوء فهم أو بجهل أحيانا فى تدمير بلدنا وتشويه مؤسسات وطنية دون أن نكلف أنفسنا مجرد التحرى والتأكد من صدق القضية التى نتعاطف معها، ونتعامل مع كل ما يقدم لنا وكأنه حقيقة وواقع، فالحقوقيون جميعا عندنا صادقون والدولة دائما على خطأ وربما كاذبة.
الواجب الوطنى يفرض علينا أن نحسن الفرز ونفرق بين الحقيقة والوهم، بين الواقع والأحداث المصطنعة بغرض خبيث، لأن البلاد لم تعد تحتمل ان نسهم فى الفوضى ولا أن نضخم أحداثا لا تستحق لمجرد أننا لم نقف على حقيقتها، الأمن القومى لمصر يستحق منا إدراك أكبر لحقيقة ما يدبر لنا والتصدى بفهم ووعى لمؤامرة إسقاط الدولة من خلال أبنائها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة