نقول كلاما، ويقولون كلاما، نرفع شعارات، ويرفعون شعارات، نتحصن بالأفكار والمعتقدات والأيديولوجيات، ويتحصنون بالأفكار والمعتقدات والأيديولوجيات، تشتعل المعركة وكل طرف يذهب إلى أقصى نقطة فى يسار الطرف، ويصير التطرف صناعة يتقنها الجميع، نسأل: كيف يبنى بلدا من يشعر بالقذائف النارية تنهال على رأسه ليل نهار؟ لماذا يتمترس الجميع فى الخنادق ويضمر الجميع للجميع العداء وكأننا فى غابة وليس فى دولة ؟ لكن أسئلتنا لا تجد مجيبا ولا ردا.
الحقيقة هى أننا لم نلتفت إلى مقدار تطرفنا إلا حينما ولينا على أنفسنا، كانت صدمتى كبيرة وأنا أراجع المواقف والأحداث والحوارات والمقالات حتى تلك التى كتبتها أنا وقت الثورة، ما كل هذا التطرف؟ لماذا تحولت ما نسميها مجازا «ثورة» إلى قبيلة، ولماذا تحول من نسميهم «فلول» إلى قبيلة، ولماذا تحول من يسمون أنفسهم «الإسلاميون» إلى «قبيلة»، ولماذا تحولت مؤسسات الدولة إلى قبائل، حتى وصلت الأنانية بكل واحد إلى الاعتقاد بأنه هو الوحيد المخلص الذكى المستحق، بينما الجميع «خونة».
فى مثل هذا اليوم، منذ خمسة أعوام، طلع على نور الصباح وأنا على باب المتحف المصرى، وقبل هذا اليوم بأعوام، وبعد هذا اليوم بأعوام أرانى أقف فى ذات الموقف، أرى أن مصر لا بد أن تعود كما كانت بهية عظيمة جميلة مثقفة وواعية، ولهذا أرى الآن أن «عودة الوعى» للعقل المصرى، و«عودة الروح» للجسد المصرى، أهم ما يجب أن نحرص على تحقيقه فى مصر، ولهذا كله ابتسمت حينما رأيت «وائل غنيم» يترك ذكرى «جمعة الغضب» ويكتب عن تعليم الأطفال، عارضا تجربة ابنه فى تعلم الحساب، وشارحا لبعض الخصائص المفيدة لبعض المواقع الإلكترونية ومنها موقع «خان أكاديمى»، الذى تمنى أن تتم ترجمته إلى العربية.