كثيرون - بالطبع لست واحدا منهم - يرون أن موسيقى رياض السنباطى أعمق من ألحان الاستاذ محمد عبد الوهاب، خصوصا أنه صاحب نغمات (الأطلال، القلب يعشق كل جميل، هجرتك، حيرت قلبى)، وللحق إن لم يصنع السنباطى طيلة حياته سوى لحن "الأطلال" ولحن "القلب يعشق كل جميل" لكفاه، لكن يظل عبد الوهاب هو "الأستاذ" والمجدد الأكبر للموسيقى الذى طورها فى كل مرحلة وكان ينسى قديمه ويعيد نسج الأغنية من جديد بإدخال آلات جديدة.
الذين يريدون التقليل من قيمة وقدر الأستاذ يتهموه بالاقتباس من الموسيقى الغريبة، مع أن ذلك يحسب له، سواء كان تأثره بالموسيقى الغربية أو اقتباسه منها، فالموسيقار نقل إلينا هذا النوع الغربى من المزيكا، وأضاف إليه لمساته الشرقية، بعض النقاد مثلا يرون أن أغنية "يا مسافر وحدك" متأثرة بالألحان الغربية، وهى إحدى روائعه لكن عند سماعها تنسجم مع موسيقى عبد الوهاب دون أن تفكر "هل هذا شرقى أم غربى"؟.
الاقتباس لم يكن عند عبد الوهاب فقط - كما حصروه - فالباحث الفنى وجيه ندى يؤكد أن السنباطى اقتبس من الموسيقار الكبير فريد الأطرش، وأيضا فريد اقتبس من عبد الوهاب، حيث ذكر فى أحد أبحاثه: "لا أحد ينسى رياض السنباطى عندما قام ببطولة فيلمه الأول والأخير (حبيب قلبى) وغنت معه هدى سلطان دويتو (عندى سؤال) فى مركب بالنيل، اقتبس فى لحنها جزء من أحد ألحان فريد الأطرش، وأيضا فريد الأطرش اقتبس من محمد عبد الوهاب مرتين، الأولى فى لحن (ليالى الأنس فى فيينا) لأسمهان، ولو قارنا بين لحن الجُمل التى يعزفها الجيتار مع أغنية (انسى الدنيا) لعبد الوهاب ستجد تشابها كبيرا بينهما، وقد ادعى فريد الأطرش بعد تلحين ليالى الأنس أنه أول من استخدم الجيتار فى مصر والعالم العربى رغم أن محمد عبد الوهاب سبقه بعدة سنوات مستخدما نفس نوع الجيتار (جيتار هوايين)، واقتبس منه فريد إدخال نفس الآلة فى الألحان العربية ونفس الجملة".
مرحلة عبد الوهاب مع أم كلثوم أثبتت أنه أقوى من السنباطى، فموسيقى عبد الوهاب التى صنعها للست لا ينساها أحد (أنت عمرى، أمل حياتى، هذه ليلتى، أغد ألقاك) وغيرها، ورغم أن الاستاذ عندما اجتمع بأم كلثوم كان قد تقدم فى العمر إلا أن ألحانه كانت شبابية "رقصت الست".
السنباطى كان يخشى مواجهة عبد الوهاب فقد ذكر الباحث وجيه ندى حكاية "أغنية سهران لوحدى" التى غنتها أم كلثوم قائلا: "أغنية "سهران لوحدى" كتبها أحمد رامى خصيصا لمحمد عبد الوهاب الذى كان قد لحن جزءا كبيرا منها، ولكن أم كلثوم بالضغط على أحمد رامى أخذت الأغنية وأعطتها إلى رياض السنباطى لتلحينها، مما دفع عبد الوهاب للتخلى عن الأغنية الى أم كلثوم، وقام الموسيقار رياض السنباطى بإعادة لحنها 10 مرات لأنه بحسب قوله كان يخشى أن يستمع الجمهور الى لحن محمد عبد الوهاب وتعقد مقارنة بين اللحنين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة