مصر ستظل قوة ناعمة دائمة بما تنتجه وتصدره من فنون وإبداع
كنت أتمنى أن يفتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الحالية بمناسبة مرور 47 عاما على إطلاقه، لأن فى حضور الرئيس المعرض وافتتاحه معانى كثيرة، فالمعرض هو أهم حدث ثقافى فى مصر وربما فى المنطقة العربية، لأن المعرض هو الأقدم وواحد من أكبر المعارض فى العالم، والأهم أنه معرض القاهرة العاصمة الدائمة للثقافة فى العالم العربى، بفنانيها ومبدعيها وبإشعاعها وقوتها الناعمة. وحضور أعلى قيادة سياسية فى مصر يعنى اهتمامها بالثقافة ودعمها والإيمان بدورها فى المواجهة، وفى معركة التنوير والتوعية المستمرة. ورسالة بأن مصر ستظل قوة ناعمة دائمة بما تنتجه وتصدره من فنون وعلوم وابتكار وإبداع، ومنارة للإشعاع الثقافى فى إقليمها العربى والإفريقى والسيوى، ورسالة آخرى بأن مصر بلد الأمن والاستقرار مهما حاول تجار الموت ودعاة العنف والتطرف.
ربما أن جدول الرئيس ولقاءاته واجتماعاته يوم الأربعاء الماضى حالت دون حضوره لافتتاح المعرض، أو ربما تجهيزات الرئاسة لزيارة إثيوبيا لحضور القمة الأفريقية فى أديس أبابا التى بدأت أمس، السبت، وتستمر ليومين، لكن يجدر بنا هنا أن نشير إلى أن هذه هى الدورة الثانية التى لا يحضرها ويفتتحها الرئيس السيسى، فالعام الماضى افتتحها رئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب. والعام الحالى كان الدور على المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لافتتاح المعرض فى الساعة الثانية ظهرا!
فالسيد رئيس الوزراء ذهب متاخرا واستقبلها عدد من الضيوف العرب بضيق كان واضحا على عدد منهم حتى أن بعضهم ترك قاعة كبار الزوار من الضجر والملل ودخان السجائر الذى ملا جو القاعة، وكان الاهتمام بالحدث الثقافى الأكبر فى مصر لا يلقى اهتماما كافيا من القيادة السياسية فى مصر رغم تركيزها فى كل خطاب ومناسبة على أهمية الثقافة ودورها فى محاربة الأفكار العنيفة والمتطرفة للحفاظ على صورة الإسلام السمحة والمعتدلة، حتى إن القائمين على معرض الكتاب استلهموا شعار المعرض فى دورته الحالية «الثقافة فى المواجهة» من كلمات الرئيس.
المعرض فى دورته الحالية للأسف شهد حالة من الارتباك، إلى درجة أن جدول الفعاليات لم يصدر إلا قبل الافتتاح بساعات قليلة رغم أن موعد المعرض معروف قبلها بعام، والمعارض المماثلة فى الوطن العربى فى الشارقة أو الجزائر يصدر جدول الفعاليات قبل الافتتاح بفترة كافية وبأسماء الحضور من الشخصيات المشاركة، لكن جدول الفعاليات فى معرض القاهرة تتغير من ساعة لأخرى واعتذارات من كبار الشعراء والأدباء، مثل سيد حجاب وبهاء طاهر.
أعرف أن الدكتور هيثم الحاج على تولى رئاسة معرض الكتاب مع نائبه الدكتور محمود الضبع فى نوفمبر الماضى فقط، أى قبل المعرض بأقل من ثلاثة أشهر، وهذه مسؤولية وزير الثقافة بالطبع فى تأخير تعيين رئيس للمعرض والانتظار حتى اللحظات الأخيرة، وهى العادة المصرية الوظيفية التى لن تتغير مهما جرى وكان.
عموما انتقادنا وملاحظتنا لما جرى فى الدورة الحالية فى المعرض تؤكد حرصنا على رغبتنا فى أن يعود معرض القاهرة للكتاب لصورته المشرقة والمبهرة منذ بدايته عام 1969 فى عهد وزير الثقافة النابهة، والنادر الوجود الدكتور ثروت عكاشة، وفى مناسبة مرور ألف عام على احتفال القاهرة بعيدها الألفى، وحرصنا أيضا على ضرورة تطويره لمنافسة باقى المعارض العربية الأخرى التى بدأت تحتل المراتب الأولى فى العالم العربى من حيث عدد المشاركين والعناوين.
ولا يعنى أيضا إغفالنا لإيجابيات ملحوظة فى الدورة الحالية مثل النظام والنظافة داخل القاعات، ومبادرة «الكتاب والرغيف» بالتعاون بين الثقافة والتموين»، وهى مبادرة تستحق الإشادة بها والعمل على تطويرها.