القراء الكرام، قبل يومين نشرت كل الصحف والمواقع الإلكترونية تقريرا مطولا عن فساد قيادات سابقين بوزارة الداخلية تضمن تلقيهم لسنوات ملايين الجنيهات تحت اسم «حافز مواجهة المخاطر الأمنية»، وكان على رأسهم اللواء مصطفى الفحام، مدير مباحث أمن الدولة الأسبق، بواقع 37 مليونا، و10 ملايين أخرى لإسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق، و8 ملايين لمحمد درويش، مدير شرطة المجتمعات العمرانية الأسبق، وثلاثة من أمناء الشرطة هم: محمد عبدالسميع بالإدارة العامة لمباحث الأمن الوطنى حصل على مليون ونصف المليون، وكرم أبوزهرة حصل على مليون و350 ألف، وفرج حسن محمد، مندوب الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بالوزارة حصل على واقع 4 ملايين.
مع مشاعر الحزن والطاقة السلبية من واقع مفاجآت قضية فساد الداخلية وكيف أن مديرى أمن وقيادات كانوا يصدعوننا يوميا بأنهم حماة الوطن وحراسه إلا أن الواقع كشف غير ذلك، ولكن بقى فى النفس قليل من الأمر خاصة أن تلك الأموال تم ردها إلى الدولة ودخلت الخزانة العامة، غير أن المفاجأة الكبرى التى صدمتنى هى أن كل المعلومات المنتشرة بشأن رد قيادات الداخلية ملايين الجنيهات غير صحيحة، ولم يرد أى قيادة من القيادات الأمنية أى أموال، لأنهم كانوا حسنو النية عن تلقيهم تلك الأموال، وحصلوا عليها بطريق مشروع من المدير المالى بوزارة الداخلية، ولا يوجد فى القانون المصرى ما يلزم قيادات الداخلية برد الأموال.
نعم.. لا يوجد فى القانون مادة تلزم حسنى النية برد الأموال.. إذًا قاعدة مهمة هنا أن مكافحة الفساد ليس فقط بإيمان القيادة السياسية ولا حتى بتحرك الأجهزة الرقابية، ولكن أيضا بالقانون، بالتعديل القانونى لكى أكون محددا، بمزيد من التشريعات الجادة المهمة لمواجهة أى ثغرة يدخل منها الفاسد ويصنع لنفسه بابا للخروج من أى تهمة.. أنا وأنت لا نستطيع محاسبتهم قانونيا.. لماذا؟.. لأن القانون للأسف فى صالحهم وليس فى صالحى أنا وأنت.. القانون منح عددا من الضباط عشرات الملايين، كان من المفترض أن يصل لباقى الضباط ممن يخدمون الوطن فعلا.
نعم.. والله العظيم.. لدينا قصور شديد فى القانون، لدينا جريمة مكتملة الأركان ولا نستطيع محاسبة الجانى، تخيل أن هناك أمين شرطة حصل على 4 ملايين مكافآت.. «ليه يعنى.. بمناسبة إيه.. إيه الخدمة العظيمة اللى كان بيعملها للبلاد؟».. تخيل أن مندوب شرطة.. أقصد أنه بدرجة أقل من أمين الشرطة حصل على مليون.. يا ستار يا رب.
نحتاج ثورة تشريعية لمواجهة الفساد، نحتاج تعديلات جذرية فى قانون الإجراءات الجنائية وحزمة قوانين الأموال العامة والكسب غير المشروع، نحتاج أن يتضمن التعديل التشريعى الجديد إلزام الموظفين الحاصلين على أموال بدون وجه حق وهم حسنو النية برد تلك الأموال للدولة، لأنه للعلم.. واقعة قيادات الداخلية هى نفسها واقعة ناهد العشرى وكمال أبوعيطة.. كلاهما حصل على مكافآت بحسن نية تبين فيما بعد مخالفتها للقانون، كلاهما رد الفلوس من واقع المسؤولية ودون إلزام قانونى، ولكن قيادات الداخلية لم يردوا.
للعلم، كان أمامى طريقان لمناقشة قضية فساد الداخلية.. الأول: بكاء على الماضى واستحضار روح المظلومية، وأظل أؤكد وأشرح فى فكرة فساد القيادات السابقة وكم نهبوا من البلاد، وضرورة المحاسبة وتحميل الدولة المسؤولية.. وهذا لم أعمل عليه.. أما الطريق الثانى فهو مناقشة أصل القضية.. عندك متهم وجريمة مكتملة الأركان.. ولا تستطيع محاسبته.
إلى أصدقائى من نواب الشعب الكرام.. اجعلوا التعديل التشريعى على رأس أولوياتكم إن أردتم حقا مواجهة الفساد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة