هل اقتربت لحظة الحسم العسكرى ضد «داعش» ليبيا؟.. الجمعة الماضى قال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أصدر توجيهات لمستشاريه فى مجال الأمن القومى للتصدى لمحاولات تنظيم داعش للتوسع فى ليبيا ودول أخرى، بعدما استغل التنظيم الإرهابى حالة الفوضى فى ليبيا لترسيخ وجوده فى مدينة سرت ونفذ مقاتلوه عدة هجمات على منشآت بترولية هذا الشهر.
وتزامن ذلك مع تلويح إيطاليا بعمل عسكرى فى ليبيا لمحاربة «داعش»، حيث قالت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتى إن الدول الغربية حسمت أمرها بالتدخل، وذلك بغض النظر عن نجاح الليبيين فى تشكيل حكومة وفاق كان المفترض أن ترى النور بموجب اتفاق الصخيرات برعاية الأمم المتحدة، مؤكدة أنه «لا يمكننا تصور أن يبقى الوضع فى ليبيا على ما هو عليه مع مضى الوقت».
كما أن وزارة الدفاع الإيطالية قررت فى 15 يناير الحالى تحريك 4 مقاتلات من طراز AMX وطائرة من دون طيار من طراز Predator إلى قاعدة «تريبانى–بيرجى» الجوية فى صقلية، وقال بيان هيئة الأركان العامة الإيطالية إن هذا القرار اتخذ بسبب الأحداث الأخيرة فى شمال أفريقيا وما ترتب عليها من تدهور الوضع الأمنى فى المنطقة، كما أشار إلى أن الهدف من الإجراء المذكور هو «ضمان الأمن فى مجال حماية المصالح الوطنية الإيطالية فى البحر المتوسط».
وبالإضافة إلى أيطاليا فأن باريس حسمت أمرها وبدأت مرحلة الإعداد لتدخل عسكرى فى ليبيا ضدى داعش، وقالت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية إن باريس «انتهت إلى الاقتناع بأنه لا مفر من التدخل لضرب سرطان داعش وأورامه التى بدأت بالانتشار فى ليبيا، وهذه القناعة أصبحت أكثر من راسخة فى أذهان المخططين العسكريين الفرنسيين، على أن يكون التدخل فى ظرف لا يتجاوز 6 أشهر».
كل هذه التحركات تؤكد وجود توافق غربى على ضرورة الإسراع بتدخل عسكرى ضد «داعش» فى الأراضى الليبية لمنعه من التوسع بمنطقة شمال أفريقيا، بعدما رسخ التنظيم وجوده بمدينة سرت واقترب من حقول بترولية مهمة، وربما يظهر هنا هدف آخر من الرغبة الغربية فى التدخل العسكرى بليبيا، وهى مواجهة الهجرة غير الشرعية التى تنطلق من ليبيا عبر البحر المتوسط إلى الدول الأوربية، حيث تشير التقديرات إلى وصول مليون ونصف المليون لاجئ إلى أوروبا العام الماضى فقط، وأن هناك تضاعفا فى ظاهرة الهجرة بـ«قوارب الموت» من ليبيا.
الأحاديث الغربية عن الترتيب لهجمات عسكرية ضد التنظيمات الإرهابية فى ليبيا جاءت فى وقت استقبلت فيه القاهرة قائد الجيش الليبى اللواء خليفة حفتر، دون أن تصدر أية معلومات حول مباحثاته مع المسؤولين المصريين، وهل تضمنت هذه التحضيرات الأوربية الأمريكية، أم أن الأمر قاصر على التنسيق المصرى الليبى لتأمين الحدود المشتركة، ووقف تسلل العناصر الإرهابية إلى مصر من ليبيا.
لكن السؤال الآن، هل الغرب فعلا لديه القدرة على توجيه ضربات عسكرية لداعش فى ليبيا؟، وما هو موقف الدول الداعمة للميليشيات الإرهابية المسلحة فى ليبيا وتحديداً سرت من هذه الضربة حال حدوثها؟، وأتحدث هنا عن قطر وتركيا فما يلقيان بكل ثقلهما السياسى والمادى على الميليشيات المسلحة فى ليبيا، التى تعد الأساس الذى ينطلق منه تنظيم داعش الإرهابى، وإذا كان الغرب صادقاً فى نواياه تجاه ضرب داعش، فلماذا تخاذل قبل عام حينما طلبت مصر التكاتف الدولى لمواجهة الإرهاب المنطلق من ليبيا؟، بل إن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها عواصم غربية كانت رافضة للضربة الجوبة التى وجهتها مصر لقواعد داعش فى سرت رداً على استشهاد 21 مصرياً على يد التنظيم الإرهابى.
المؤكد أننا أمام تحركات دولية تحاول فرض الأمن فى ليبيا، لكنها يجب أن تأخذ فى الاعتبار الجهود الإقليمية التى تحاول فرض السيطرة السياسية والأمنية للجيش الليبى ومعه الحكومة الشرعية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة