تزايدت حدة مرض التثور اللاإرادى خلال الأيام القليلة الماضية، وانتاب عدد من النشطاء نوبات شديدة من المرض جعلتهم يرفضون الواقع بكل زخمه وتبعاته، فلجأوا إلى الحنين للماضى «نوستالجيا»، وبدأ كل واحد منهم يستعين بذكرياته عن لقاءاته بالمسؤولين من نظام مبارك مثل الراحل «عمر سليمان» أو مع أعضاء المجلس العسكرى، وجماعة الإخوان، وأيضا النظام الحالى.
واضح جليا أن مرضى التثور اللاإرادى فشلت محاولاتهم فى إثارة الأزمات، ونقل عدوى مرضهم الخطير إلى عدد كبير من الشعب المصرى الذين حصلوا على حصانة ضد المرض، بداية من محاولة خطب ودهم وكسب تعاطفهم بمؤامرة الاختفاء القسرى، ومرورا بالتعذيب فى السجون، وتفشى الفساد، فقرروا اللجوء إلى اجترار الماضى لضرب كرسى فى الكلوب.
البداية كانت للناشط وائل غنيم الذى حكى كثيرا عن ذكرياته قبل الثورة وبعدها، معددا مواهبه وعبقريته فى إزاحة نظام مبارك، ومن بعده المجلس العسكرى، وسار فى ركبه آخرون فى محاولة لدس السم فى العسل.
وجدنا يسرى فودة الذى نسى دوره الرئيسى كإعلامى، وارتدى عباءة الناشط السياسى والثورى الكبير، يتحدث عن ذكرياته مع الرئيس السيسى عندما كان رئيسا للمخابرات الحربية وعضوا بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق، وكم طلب منه أن يعتذر عن أخطاء المجلس العسكرى، وأن السيسى صمت ولم يستطع أن ينبس بكلمة.
ونسأل الإعلامى الناشط الثورى وأحد الآباء المؤسسين لقناة الجزيرة المتآمرة، يسرى فودة، إذا سلمنا بصدق روايتك التى سردتها للناس، لماذا صمت طوال السنوات الماضية ولم تجهر بهذه الرواية؟ وما سر أن تذيع هذه الرواية الآن؟ الإجابة بالطبع، توظيف خطة الروايات والذكريات غير الموثقة فى سياق سياسى، بهدف إحداث بلبلة فى الشارع.
الحقيقة، هناك خطة واضحة المعالم، ينفذها عدد من نشطاء السبوبة وأدعياء الثورية من إعلاميين ونخب، قوامها تكثيف جهودهم على السوشيال ميديا، وفى كتابة مقالات فى أكبر عدد من الصحف فى الداخل والخارج، والظهور فى برامج تليفزيونية، يتحدثون عن مفاجآتهم فى الإدلاء بشهادات خطيرة.
مرضى التثور اللاإرادى، خرجوا علينا يؤكدون أن ضمائرهم «نغصت» عليهم حياتهم، وأن أخلاقهم الثورية «نقحت عليهم» فقرروا التقيئ وإفراغ بكل ما فى جوفهم، اعتقادا منهم أن هذا «القىء» العفن سيحدث تحولا كبيرا واستراتيجيا يمكنهم من القدرة على تحريك الشارع فى 25 يناير الجارى، ومناصرة جماعة الإخوان الإرهابية وإعادتها للمشهد من جديد.
الحقيقة أرى أن إفراغ ما فى جوف هؤلاء المرضى بالتثور اللاإرادى، أمرا مهم وجيد للغاية، لأنهم وبدلا من محاولة كسب عطف الشارع، فإن الشارع سينقلب ضدهم، مثل انقلاب السحر على الساحر، ورؤيتى تأسست على أن هؤلاء يكشفون الجانب المهم من شخصيتهم وأسرارهم.
أولها، أنهم كانوا على علاقة قوية بالأجهزة الأمنية المختلفة، وكانوا يترددون على مقراتها، ويجلسون فى القاعات الكبرى، ومع ذلك يلصقون الاتهامات بخصومهم على أنهم مخبرون وعملاء للأمن.
الأمر الثانى، كشفت أن خلافاتهم مع السلطة على المصالح الشخصية، ومحاولة الحصول على أكبر قطعة من تورتة السلطة، فى مقابل صمتهم والسير فى ركب النظام والدفاع عنه.
إذن، هؤلاء النشطاء وأدعياء الثورية، لم يقرروا تناول حبوب «حمل» الشجاعة لتفريغ ما فى جوفهم فى هذا التوقيت إلا نتيجة عدم حصولهم على أى قطعة من تورتة الحكم، وكان آخرها عدم التعيين فى البرلمان. نوستالجيا النشطاء شىء جيد، وأمر كاشف جديد ومهم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة