فى الأمس استعرضت بعض مقولات القيادى الشيعى الذى حكم عليه بالإعدام فى السعودية مؤخرا «نمر النمر»، وما تسبب فيه هذا الحكم من اضطراب سياسى دولى كبير، وما أعقبه من انتهاك لسفارة السعودية فى طهران، ثم طرد سفير طهران من الرياض والسودان والبحرين والكويت، وتخفيض التمثيل الدبلوماسى الإيرانى فى الإمارات إلى درجة قائم بالأعمال، وهو ما يؤكد أن الأزمة لم تكن أزمة معارضة سعودية لنظام الحكم السعودى، وإنما موالاة لإيران من جانب بعض السعوديين، وهو ما أظهرته خطب القيادى نمر النمر، التى طالعنا بعضا من نماذجها فى مقال أمس، حيث لم يكتف بمهاجمة السعودية وآل سعود فحسب، وإنما شن هجومه أيضا على الإمارات وآل خليفة أيضا، وهو ما يؤكد أنه- رحمه الله- لم يكن يتبع أجندة إصلاحية وطنية، وإنما كان يتبع «إيران» فحسب، يعادى أعداءها ويناصر مناصريها، حتى لو لم يكن يرتبط بأعداء إيران بأية صلة.
الأمر الثانى الذى يؤكد أن هناك بعض الريبة فى أمر «المعارضة الشيعية فى السعودية»، هو أن نمر النمر كان يرى أنه لا حكم إلا بولاية الفقيه، وأن رجل الدين لا بد أن يكون على رأس الدولة، وبهذا يكون الرجل طالب «سلطة» وليس طالب «حق»، فهو يعد من أكبر الرؤوس الشيعية فى السعودية، وحديثه عن أحقية «السادة» بالولاية يؤكد أنه لا يهتم كثيرا بالمواطن السعودى وتطلعاته، وإنما يهتم بالشيعة وأحلامهم فى السيادة، وإذا كان البعض، ومنهم كاتب هذه السطور، يأخذون على السعودية زواجها بالمذهب الوهابى، وتحكم رجال الدين فى مجرياتها بشكل كبير، فإن هذا «نمر النمر» لا يريد فقط أن يتحكم رجال الدين فى صنع القرار بل يريد أن يكونوا صانعه الوحيد، وفى هذا يتخذ القيادى الشيعى من إيران مثلا يحتذى، وكما قلت أمس إنه يعتبر إيران المثل الأعلى فى كل شىء، فى الديمقراطية والحرية ونظام الحكم، وهو ما يؤكد أنه لا يعترض على نظام الحكم، وإنما يعترض على عدم وجوده فيه أو بالأصح عدم ترؤسه.
من هنا نتأكد من أن ما كان يفعله النمر لا يدخل فى باب «المعارضة السياسية»، فالمعارضة لها أحد هدفين، الأول: هدف إصلاحى يجتهد من أجل إصلاح المنظومة، والثانى: «ثورى» يستهدف تغيير المنظومة، لكن ما نستنتجه من خطاب «نمر النمر» ومقالاته، أنه لم يكن يريد لا إصلاح المنظومة ولا تغييرها، وإنما يريد استبدال أسماء القائمين على هذه المنظومة فحسب، وبدلا من تبنى خارطة إصلاح وطنية تبنى الـ«باترون إيرانى» تماما الذى يستخدمه مصممو الملابس، وأراد به تفصيل المنطقة على النموذج الفارسى الذى يراه «النمر» غاية المراد وأمل العباد، برغم أن إيران تلك الجنة التى يتحدث عنها القيادى المقتول، تحتل مؤخرة غالبية التصنيفات العالمية فى مستوى دخل الفرد ونسبة الفقر وحقوق الإنسان!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة