"دم رابعة بيوجعنى وطريقة الفض لم تحترم الإنسانية"، ولتنشيط الذاكرة أقول لحمدين صباحى صاحب تلك العبارة، لو استمرت حشود رابعة أكثر من ذلك لسالت بحور الدماء وسقط آلاف القتلى، وتحولت ميادين مصر إلى ساحات للقتال، فهل نسينا عصابات الفوضى التى كانت تنطلق من رابعة لتهاجم الحرس الجمهورى والقصر الرئاسى ووزارة الدفاع، ثم تعود إلى قواعدها سالمة تحت حماية الأصوات الزاعقة التى تحذر من ويلات المساس بدولة رابعة؟
بعد أيام تحل ذكرى 25 يناير، ومن الخطورة استدعاء العطف وتزييف الوعى، وزرف الدموع على حائط مبكى رابعة، فقد بدأ الاعتصام يوم 28 يونيو 2013 كنوع من استعراض الحشود، وتخويف المواطنين المصريين من النزول فى 30 يونيو، وتجمعت الحشود من جميع محافظات مصر، وأعلنت قيادات التنظيم عن دخولها فى اعتصام مفتوح، اعتراضا على خريطة المستقبل التى أعلنها الفريق أول عبد الفتاح السيسى، وممثلو القوى الشعبية، والتحفظ على رئيسهم المعزول محمد مرسى، ومع طول مدة الاعتصام التى وصلت إلى 48 يومًا قام المحتشدون بتشييد خيام مجهزة للإقامة الدائمة لفترات طويلة، وشبكة كهرباء والاستيلاء على المدارس، وإنشاء مراحيض عمومية، وتوسيع المنصة الخاصة بالاعتصام، لتستوعب وسائل الإعلام الأجنبية التى كان يسمح لها فقط بالدخول إلى مقر الاعتصام.
نفد الصبر بعد 48 يوما متصلة من الاعتصام المسلح للإخوان، وفشلت كل محاولات فض الاعتصام سلميا، وتصور الإخوان أنهم أقاموا دولة داخل الدولة، وتولت قناة الجزيرة مهمة الإعلام التحريضى، وتهديد الشعب بتفجير مصر إذا اقتربت قوات الأمن من الاعتصام، ولم يكن هناك مفر لإنقاذ البلاد من حرب أهلية إلا بفض الاعتصامين.
طريقة فض الاعتصام التى يرى حمدين أنها لم تكن إنسانية بدأت بتوجيه نداء إنسانى للمعتصمين عبر مكبرات الصوت بالخروج الآمن من الميدان فى هدوء دون ملاحقة، وطالبتهم بإبعاد النساء والأطفال وكبار السن، إلا أن الإخوان بادروا بإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش على قوات الأمن، وأشعلوا الإطارات والزيوت على الأرض، ولتغطى الأدخنة السوداء سماء المنطقة وتمنع الرؤية عن القوات بالمداخل.
دم الضحايا والشهداء يوجع أهاليهم واقاربهم وجموع المصريين، مثلما يوجع دم الإخوان حمدين، فهذه ليست مناسبة لاستعطاف الرأى العام، وإعادة إحياء الأحداث بشكل يخالف ما حدث بالفعل، وكان من المفترض أن يبث "الإبراشى" تسجيلات رابعة أثناء حوار حمدين، وأن يذيع كلمات العريان وصفوت حجازى والبلتاجى وبقية الإرهابيين، التى كانت تهدد ببحور الدماء، وإشعال الحرب فى سيناء، وأن يسأل حمدين: "ألم يوجعك قلبك على مصر وأنت ترى هذه التهديدات؟".