إسراء عبد الفتاح

مصير الدستور فى عام 2016

السبت، 09 يناير 2016 07:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعلم ما سوف يؤول إليه مصير الدستور المصرى الذى وافق عليه %98 من شعب مصر فى مطلع عام 2014.. الدستور المصرى هو الوثيقة التى تتضمن المبادئ والقيم العليا للمجتمع، وهو الذى يحدد شكل الدولة والحكومة ونظام الحكم واختصاصات السلطات المختلفة والعلاقات بينها، ويوضح حقوق الأفراد وواجباتهم، وهو المرجع والحكم بين علاقة الشعب بالحاكم من جهة، وعلاقة الشعب والحاكم بالسلطات الأخرى من جهة ثانية، ويقال عنه إنه «أبوالقوانين»، أى هو الذى يجب ألا تتخطاه القوانين بأى شكل من الأشكال، فهو المادة التى تعتبر المرجع الوحيد الذى تستوحى منه الأنظمة والقوانين التى تسير عليها الدولة لحل القضايا بأنواعها المختلفة.

لذلك يحتاج دائمًا الدستور لسلطة تشريعية تترجم مواده إلى قوانين ملزمة تطبق على الكل، ولابد أن يطلق عليها لفظ «قانون دستورى»، أى يتسق ويتماشى مع الدستور.

والدستور المصرى لم تضعه مجموعة من الهواة أو غير المختصين، لكن تم اختيار ما أطلق عليه «لجنة العشرة»، وهى مجموعة من الخبراء القانونيين والدستوريين لوضع القواعد الرئيسية القانونية التى تحدد الإطار العام لكتابة الدستور حتى تلتزم بها «لجنة الخمسين» التى تمثل الشرائح المجتمعية المختلفة، وستنعقد السلطة التشريعية هذا الأسبوع مع وجود دعوات مختلفة هنا وهناك تلمح إلى تعديل هذا الدستور قبل أن يطبق أساسًا، والعجب كل العجب أن من يطالبون بتعديل هذا الدستور هم ممن دعوا للتصويت بـ«نعم»، فلم يقتصر دورهم فقط على تصويتهم بأنفسهم بـ«نعم»، لكنهم أخذوا على عاتقهم الدعوة للتصويت بـ«نعم»، والتنظير على أن هذا الدستور هو أفضل دستور، وذلك طبعًا قبيل الاستفتاء، ولكن المعطيات الآن اختلفت، والمطلوب منهم اختلف، فتحايلوا ليتماشوا مع النغمة الحالية.

وتحضرنى هنا مقولة الفلاح الفصيح عبدالمجيد الخولى، رحمة الله عليه، عندما صرح قبيل الاستفتاء على الدستور داخل لجنة الخمسين: «مش هنحرق اللحاف عشان فيه برغوت»، تعبيرًا منه عن امتعاضه من بعض المواد فى الدستور بأنه لم يكن الأفضل على الإطلاق، ولم يحقق كل أحلامنا، ولكن لا يجب علينا رفضه ولكن السعى لإتمامه، والسعى لإتمامه لكى يحقق مبادئ الثورة كاملة من عيش وحرية وكرامة إنسانية وعدالة إجتماعية لا أن يتم التراجع أو التنازل عما حققه الدستور من تماشى مع هذه المبادئ.

والسعى لإتمام هذه المبادئ يكمن فى تعديلات تخص مثلًا إلغاء مادة الحبس الاحتياطى، أو وضع مدة محددة لها، بدلًا من أن تصبح عقوبة فى حد ذاتها، وبديلًا للفظ «اعتقال» أو فى تعديلات تخص إقامة دوائر قضائية خاصة مختلطة من قضاة عسكريين ومدنيين كبديل واجب وضرورى عن مواد المحاكمات العسكرية للمدنيين.. هذه هى التعديلات التى أشعر أنها واجبة للتماشى مع قيم الحريات والعدالة التى قامت ثورتان من أجلها، أما التعديلات التى تمثل فى حد ذاتها تراجعًا عن أى مكسب لتحقيق حرية أو عدالة أو تداول سلطة، مثل زيادة صلاحيات الرئيس فى مواجهة البرلمان، أو زيادة عدد سنوات فترات الرئاسة، فأظنها تعديلات انتكاسية لمبادئ وقيم الثورة أو حتى مبادئ وقيم الديمقراطية والعدالة والحرية، واستعجب عن قدرة هؤلاء الداعين للتعديلات الانتكاسية فى قدراتهم على التلون دعمًا ورفضًا للدستور حسب الحاجة والأهواء والمصالح.

ارفعوا أيديكم عن هذا الدستور فهذا هو الإنجاز الوحيد الآن الذى حدث فى مصر منذ خمس سنوات على قيام الثورة، وأملنا أن نسعى لإتمامه كوثيقة للعدل والمساواة، وبرغم أننى لا أرى أى أمل فى هذا البرلمان الذى أوشك على الانعقاد للسعى لإتمام هذا الدستور، فالخوف الأكبر أن يكون هذا البرلمان نقمة على الدستور المصرى ويعدله للأسوأ.. تذكروا أيها المسؤولون أنكم أقسمتم على احترام الدستور فتمسكوا بقسمكم ولا تعطوا فرصة لمن يريدون شد أوتاد هذه البلاد إلى الوراء!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة