أكرم القصاص - علا الشافعي

أحمد إبراهيم الشريف

سيد الضوى والربابة الحزينة

السبت، 01 أكتوبر 2016 11:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى قصيدة للشاعر عبدالرحمن الأبنودى بعنوان «الربابة الحزينة» يقول فيها: «وجيت المدينة/ معلق فى كتفى الربابة الحزينة/ لقيت النجوم وشها فى التراب» وكلما قرأت هذه الرواية أو سمعتها بصوت الخال أطلت فى ذهنى صورة الشاعر سيد الضوى آخر شعراء السيرة الهلالية المعروفين، الذى رحل عن عالمنا أمس الأول.
 
كان سيد الضوى قيمة كبيرة فى عالم الثقافة الشعبية التى تضبط الرؤية تماما، وتمنح الثقافة المصرية نوعا من الخصوصية، فصليل السيوف وقوافى الكلمات وألفاظ الشجاعة والتضحية والحب وحكايات السلطة والرجال الذين يحملون رؤوسهم على أكفهم من أجل غايات ناسهم وأهلهم وغيرها من مواطن الجمال والقيم التى تمتلئ بها السيرة كانت تتسلل من «قول» سيد الضوى إلى أرواح الجالسين فى القاعات وأمام شاشات التليفزيون فتجعلهم متحققين فى هذه الحياة نوعا ما.
 
بعد رحيل الضوى ضجت مواقع التواصل الاجتماعى بالحزن على الرجل وفضله ودوره وتذكر البعض حكايات رأوها فى الحفلات، وكتب الناس مقالات أو أعادوا نشر كتابات قديمة وحوارات كانوا قد أجروها مع الشاعر الشعبى الكبير الذى كان يحفظ، كما يقال، ملايين الأبيات من السيرة الهلالية، الخلاصة أن رحيل سيد الضوى أصاب المصريين بالحزن الشديد.
 
هذا الحزن الشديد يعكس إحساس المصريين بالخطر من التجريف الثقافى المقبل، فها هو سيد القوالين كما يقال عنه يرحل طاويا آخر صفحات معروفة لفن السيرة الذى شكل وجدان المجتمع المصرى ووعيه عبر تاريخه الطويل، فالجميع يعرف أن السيرة الهلالية ليست مجرد حكايات يتلوها شاعر يمسك فى يده ربابة حزينة تنوح، لكنها لحظات النصر التى تنتظر الفقراء المعدمين، الذين يكملون عشاءهم بجزء من سيرة الهلالى أبى زيد سلامة آملين فى غد أفضل عندما تنتهى طريقهم الوعرة ويصلون إلى بر الأمان.
 
لذا فإن رحيل الضوى يدفعنا لتأمل المستقبل لهذه الثقافة الشعبية، والبحث عن حلول لها، لقد قام الشاعر الأبنودى بدور كبير فى توثيق هذا التراث والمحافظة عليه، لكننى لا أعتقد أن سيد الضوى هو آخر شعراء السيرة الهلالية المتبقين على وجه الأرض، فحتما هناك «حكائون» آخرون موجودون فى مكان ما وبحاجة إلى من يبحث عنهم ويكتشفهم، ولن أقول على الدولة أن تبحث عنهم وتجدهم، لا، لكن على الشعراء أن يقوموا بهذا الدور المهم وأن يسعوا لإلقاء الضوء على شعراء السير الذين ترك بعضهم مهنة الرواية الشعرية للتاريخ الشعبى وذهبوا للبحث عن لقمة العيش فى البلاد الغريبة، وحتما سيجدون منهم الكثيرين.
 
رحم الله سيد الضوى ورحم الله جابر أبو حسين وعبدالرحمن الأبنودى وأبو زيد الهلالى وعامر الخفاجى ودياب الذين جعلوا طفولتنا ممتعة وجعلونا قادرين على احتمال الحياة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة