لم يكن أكثر المتفائلين يتصور أن تعود القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى ، فى ظل الانقسام الفلسطينى والتعنت الإسرائيلى وتزايد وتيرة الاستيطان وابتلاع الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية ، لكنها عادت فى العبارات السياسية المطاطة وفى تصريحات الرعاة التقليدين للسلام بين العرب والإسرائيليين، بمجرد أن تصافح محمود عباس أبو مازن وبنيامين نتانياهو بحرارة فى جنازة شيمون بيريز ،جزار قانا ومهندس العدوان الثلاثى على مصر وصاحب الإنجاز النووى الإسرائيلى.
لم يكتف أبو مازن بمصافحة نتانياهو بحرارة ، بل تبادل عبارات ودية للغاية مع سارة نتانياهو لفتت أنظار المراقبين ، وأظهر قناعا حزينا سيظل محورا لجدل طويل بين الفلسطينيين والعرب والإسرائيليين على مواقع التواصل ، لكن أبرز مشاهده خلال الجنازة كانت لحظة عناقة لـ تسفيا بيريز الإبنة الكبرى لآخر مؤسسى دولة إسرائيل مع بن جوريون وليفى أشكول
مشاهد أبو مازن خطفت الأضواء بالفعل أكثر من الابتسامات التى وزعها الثنائى الرئاسى أوباما وبيل كلينتون على المشاركين ، وأكثر من المسئولين الدوليين الذين توافدوا للمشاركة بالجنازة لكسب ود اللوبى اليهودى المتنفذ فى أوربا والولايات المتحدة ، خاصة مع حرص الدولة العبرية على الاستفادة من الحدث وتحويله إلى مناسبة عالمية للبكاء على صانع السلام ومؤسس دولة إسرائيل واحة الديموقراطية فى منطقة الشرق الأوسط الموبوءة بالفوضى والتطرف والإرهاب
لذلك ليس غريبا أن يصرح باراك أوباما خلال الجنازة بأن حضور أبو مازن ومصافحته نتانياهو يعنى أن عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لم تمت!حقا يا سيد أوباما؟ ألم تدفنها بيديك مع فشلك فى التوصل لأى صيغة ترضى المتطرفين فى تل أبيب؟ ألم تفشل فى الضغط على نتانياهو فى هذا الملف حتى أهانك شخصيا ولم ترد عليه بصفتك أو بشخصك؟!
التاريخ سيكتب اسم أبو مازن بحروف من ذهب ، لو استطاع الانطلاق من حضوره الملفت ومشاهده المتميزة خلال جنازة بيريز ، ليشق طريق المفاوضات الصعبة وينتزع سلام الشجعان ، العبارة التى يحب ترديدها والتى وصف بها إنجاز بيريز ، من قلب أنياب تحالف المجمع الدينى والعسكرى المتطرف الحاكم بأمره فى تل أبيب ،عابرا بها فوق أشواك الانقسام بين فتح وحماس ، فهل تكشف الأيام المقبلة أن أبا مازن يملك عصا سحرية يستطيع أن يصنع بها مسارات للسلام بمساعدة عواطفه الجياشة!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة