وائل السمرى

السعودية في غابة الأسلاك العارية

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016 05:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ عشرات السنين ونحن نرى السعودية هادئة، تستغل كل إمكانياتها الروحية والمادية بهدوء، تجند الأتباع، تخترق الحواجز، تضمن الولاءات، توجه الإعلام، لا تحب الظهور في العلن ولا تفضله، تسير مصالحها بالحد الأدنى من الصدامات، وبهذه السياسة استطاعت المملكة أن تكسب وجودا حقيقيا في جميع الملفات الحقيقية في المنطقة، وكان من ثمار هذا هو أنه حينما أرادت أن تدخل بثقلها في الملف العربي الإسرائيلي متقدمة بمبادرة جدية قبلها الجميع وصارت بين ليلة وضحاها أحد أهم اللاعبين في القضية الفلسطينية، إذ لم يكن الالتفاف حول مبادرة السعودية وقتها استجابة لمبادرة مطروحة بقدر ما كان حصادا لدور هادئ رسخته السعودية بكل صبر، فظفرت في لحظات بما لم تكن لتحلم به.

أنظر الآن إلى المملكة العربية السعودية بعين الشفقة بعد أن تخلت عن دورها الهادئ متبنية دبلوماسية الهيستريا ، وغاية أملي أن ينتبه ساستها ورجالها العقلاء إلى تلك الأخطار الكارثية التي تحدق بالمملكة، فقد بنت السعودية استراتيجيتها في المنطقة تأسيسا على احتكار الحديث باسم الإسلام السني في العالم، في مقابل إيران التي تتحدث باسم الإسلام الشيعي ، وهذا في حد ذاته أمر يحتاج إلى مراجعة فورية من عاقلي المملكة، فمجرد الاعتماد على هذا التقسيم المذهبي هو أمر أشبه بالانتحار ، فلا وجود لهذه التقسيمات الضيقة البالية في العصر الحديث ، ووجودها باختصار يعني دوام القلق ودوام الاضطراب ودوام الاستنزاف، وعلى هذا فقد ارتمت السعودية في أحضان تركيا ظنا منها أنها ستشكل حلفا سنيا في المنطقة بزعامتها، فما كان من تركيا إلا الترحيب بانضمام السعودية إلى حلفها مستخدمة المملكة كمطية لحلم الخلافة الذي يداعب أردوغان .

الآن تخسر السعودية في كل مكان ، وليست موجة الهجوم الهستيري على مصر الآن سوى أحدى تشنجات من اختار أن يسير في غابة من الأسلاك الكهربائية العارية ، فقد خسرت السعودية في اليمن واستنزفتها الحرب دون طائل يذكر ، كما خسرت دورها في لبنان وخرجت من المعادلة السياسية اللبنانية مفسحة الطريق لعدوها التقليدي، كما خسرت دورها في العراق وصار مصير العراق مرتبطا بمصالح تركيا وإيران، وخسرت أيضا في سوريا بعد أن وصمت نفسها بمساعدة الإرهابيين، كما خسرت في أمريكا وأصبحت قاب قوسين أو أدنى من المطاردة الدولية ، وفوق كل هذا خسرت في معركة البترول وفقدت فعالية أهم أسلحتها، وللأسف فقد سارت المملكة في طريق خسارتها لمصر أيضا، دون حتى أن تقول لنفسها: ماذا أريد؟ وماذا سأفعل؟ وإلى متى كل هذه الخسائر ؟










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة