من المعروف أن الأديان دائما يتم استغلالها فى كل زمان ومكان لما لها من قدسية لدى تابعيها، ولذا كان الاستبداد الدينى فى العصور الوسطى فى أوروبا الذى وصل إلى منح البشر صكوك للغفران وبيع مساحات لهم فى الجنة.
حتى قام مارتن لوثر بثورته الإصلاحية، ليس ضد المسيحية ولكن ضد رجال الدين الذين يستغلون المسيحية تحت ما يسمى بالوصاية الدينية على البشر، ولما كان للاستغلال أبواب كثيرة وعلى نفس الوتيرة وذات التوجه ظهر استغلال واستبداد سياسى تحت مظلة فكر سياسى بذاته أو تحت راية زعيم سياسى له دوره الوطنى والتاريخى المقدرو، لكن لم نكن نعلم أن الاستبداد السياسى والاستغلال الفكرى والوصاية على الزعيم عبد الناصر تصل إلى هذا الحد، خاصة بعد هذا التطور المحلى والعالمى الذى اجتاح الفكر السياسى بشكل عام، حيث إنه من المعروف أن النظم السياسية لا تستنسخ، فلكل واقع سياسى ولكل معطيات اقتصادية ولكل تأثيرات اجتماعية ظروفها المكانية والزمانية فى تشكيل هذا النظام السياسى، فالمعطيات المحلية والإقليمية والدولية التى كانت وقت نظام ناصر لا وجود لها الآن وبكل المقاييس، ولكن هذا يختلف عن الموقف الفكرى والرؤية السياسية التى لا تتغير إلا أنها لابد لها من التعامل مع هذا الواقع المتغير حتى يمكن تطويره ويتم التوافق بينه وبين الرؤية، ويتم ذلك بالنضال والتلاحم الجماهيرى ونكران الذات وليس بالشعارات التاريخية والجعجعة الكاذبة.
فقد خرج علينا الأستاذ أمين إسكندر، أحد قيادات حزب الكرامة الناصرى فى مقال بجريدة «المقال» يوم السبت الماضى، يمنح ويمنع ويوزع صكوك الناصرية لمن يرى وكيفما شاء، فهو يقول أن كل ناصرى يوافق أو يساعد أو يقتنع بالسيسى لا يمكن أن يكون ناصوريا.
ولا ندرى بأى حق وبأى قانون وبأى كتالوج يعطى أمين هذا الحق الذى يوزع فيه صكوك الناصرية؟! ولا نعلم هل الناصرى الذى لا يوافق على السيسى يكون ناصرياً بشرطة؟! وهل حتى أكون ناصرياً حسب كتالوج أمين يجب أن أحارب وأرفض السيسى شكلاً وموضوعاً؟! وإذا كان الأمر كذلك فمن هو بديل السيسى فى ظل هذه التحديات غير المسبوقة التى يواجهها الوطن والشعب المصرى وليس السيسى وحده؟!
يتحدث السيد أمين عن المشاكل الاقتصادية وعن كيفية معالجتها ويتحدث عن وجود الجيش فى مجالات متعددة ويستنكر العلاقة مع اسرائيل وغير ذلك كثير. فهل لكى أكون ناصرياً يجب أن أرفض السيسى لوجود هذه المشاكل وفقط؟!
نحن ناصريون بالفطرة والنشأة وظروفنا الاقتصادية ولم نتاجر ولم نسترزق من الناصرية ولم نمول من أى نظام عربى، والأهم أن عبد الناصر علمنا كيف ننتمى لهذا الوطن ونحب مصر والمصريين، لذا فتوافقنا مع السيسى كضرورة ليس للسيسى كشخص ولكن لمصر، والأهم هو دورنا فى خروج مصر من المأزق والتحديات التى تواجهها، فالسيسى ليس سبباً فى المشاكل ولكن عليه أن يسمع الى الرأى الآخر ويحسن الاختيار لمن لهم رؤية سياسية «الوزراء، المحافظون، المستشارون»، عليه أن يؤمن بأن المعارضة الوطنية هى لصالح مصر والنظام.
كما أن العلاقة مع إسرائيل لا ولن نتعامل معها كشعب مصرى وعربى، ولكن للأنظمة سياستها التى نختلف معها كثيراً، الأهم أن بديل السيسى لن يكون بغير انتخابات حرة نزيها يختار فيها الشعب دون وصاية وغير ذلك الفوضى التى لا تبقى على شىء، وهنا نكون مع مصر وليس السيسى فكفى متاجرة ووصاية بالناصرية، لأنها هى حب الوطن وليس حب الذات ولا استغلال للوصول للمصالح الخاصة، حما الله مصر من المتاجرين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة