يصنعون النكات والإفيهات، ويسخرون من وطنهم، ثم يسألون ويغضبون حينما تصبح نكاتهم وإفيهاتهم الرخيصة أداة يستخدمها الغرباء للسخرية من مصر، يفتحون أبواب صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى لنشر الأخبار المغلوطة، والتهليل للمعلومات غير الموثقة، والشائعات المربكة، وحينما تضطرب الأجواء وتنكشف كذبة كل خبر وزيف كل معلومة، ونسأل فى أى شئ ضيعنا وقت الوطن؟ يصمتون وكأن شيئا لم يكن.
بأيديهم لا بأيدى الخصوم، يطعنون الوطن فى ظهره، لأن قلوبهم لم تصفُ بعد لتفهم الفرق الكبير بين الخصومة السياسة مع سلطة والخصومة مع الوطن ذاته، لم يفهموا بعد أن تصفية حساباتهم السياسية مع وزير أو ورئيس لا يجب أبدا أن تكون على حساب الوطن، لذا يمكنك أن تعرفهم وإن اختلفت أسمائهم، نشطاء، معارضة، غاضبون، ستعرفهم حينما تجدهم فرحين بأزمة اقتصادية، أو تجد الواحد فيهم سعيد بسخرية غرباء من وطنه أو رئيس دولته أو شامتين فى كارثة، أو متحدثين عن استخدام الحكومة للإرهاب كفزاعة، ثم منقلبين على أنفسهم ومتحدثين عن عدم ادراك الحكومة لخطر الإرهاب بعد تحذيرات السفارات الثلاثة من أحداث عنف فى التجمعات والمولات، وهى التحذيرات التى ثبت فشلها بمرور يوم الأحد الماضى 9 أكتوبر هادئا بلا أزمات، ليصمت بعدها الشامتون والمحذرون للأبد.
تشعر أحيانا أن الأمر لم يعد له علاقة بالسياسة أو الخصومة السياسية، شىء ما فى عالق فى قلوب هؤلاء، شىء ما له علاقة بهوى المصالح، والرغبة فى الشهرة على طريقة أنا شجيع السيما المعترض دوما على كل شىء وأى شىء.
انظر مثلا إلى قضية تحذيرات السفارات الثلاثة، بدأت السفارة الأمريكية الأمر بنشر بيان يحذر رعايها فى مصر من أحداث عنف متوقعة يوم 9 أكتوبر ويطالبهم بالابتعاد عن المولات السينمات، ثم تكرر التحذير من السفارة البريطانية، ثم تبعتهما السفارة الكندية، احتفل النشطاء بالتحذيرات الثلاثة، وكأن الحديث عن عيد ميلاد وألعاب نارية وبدأوا العزف على نغمة أن الحكومة نايمة فى العسل ولا تخبرنا بأحداث العنف المتوقعة وليس لديها معلومات عن الإرهاب المتوقع، رغم أنهم من قبل كانوا أول من انتقد تحذيرات أجهزة الأمن المصرية من أحداث الإرهاب وعنف الإخوان وقالوا وقتها تلك أوهام تستخدمها الدولة كفزاعة للسيطرة على الشوارع، ورغم أن التحذيرات الصادرة عن السفارة الأمريكية كانت مبهمة وبدون تفاصيل وتأتى فى وقت صعب ومضطرب وتتزامن مع عودة السياحة لمصر، بشكل يجعل التأثير المباشر الأول لتلك التحذيرات هو نشر الفزع من القدوم للسياحة فى مصر، إلا أن السادة النشطاء لم يفكروا فى ذلك، ولم يفكروا فى أن القوانين حتى داخل الولايات المتحدة تمنع نشر أخبار وبيانات تحذيرية تثير الفزغ والرعب دون التنسيق مع الأجهزة الأمنية، ودون تقديم المعلومات التى توثق تلك التحذيرات.
اخرج من دائرة تحذيرات السفارات التى فضحت السادة النشطاء والمتفذلكين، لأنهم صمتوا وهربوا بعد أن أثبت هدوء يوم 9 أكتوبر أن التحذيرات فشنك، توقف قليلا أمام الأكذوبة التى روجها الإخوان واحتفى بها السادة النشطاء هنا دون قراءة أو وعى، قالوا إن مصر قامت بالتصويت على قرارين متضادين بخصوص الوضع داخل سوريا، بينما الحقيقة أن مصر صوتت على مضمون المشروعين الروسى والفرنسى اللذان يتوافقان تماما مع موقف مصر الأولى من القضية السورية بالحفاظ على سوريا وأهلها، ولم يتم تمرير مشروع منهما فقامت مصر بالتصويت على الآخر.
عدد الردود 0
بواسطة:
وليد ابو عوف
مقال رائع في قمه الانصاف والجمال
انت كاتب منصف وحكيم جدا