كل تلك الصراعات لم تستفد منها إلا تل أبيب التى تقدمت تكنولوجيا وعلميا بطريقة مذهلة
بعيدا عن تحليل الوضع الداخلى، والتحديات التى تواجة القيادة المصرية، وما أكثرها، والانتقادات الحقيقية والمزيفة التى تلوكها الألسن المأجورة منها وغير المأجورة، وبصفتى صحفى عجوز وإعلامى «بعض الوقت»، أؤكد أن القطاع الأكبر من الإعلام الفضائى قد صار عبئا على النظام والرئيس بل والشعب!!
على سبيل المثال «الخلاف السعودى المصرى» الذى يراد إشعاله مؤخرا هو خلاف معلن بين البلدين الشقيقين منذ فبراير الماضى، حينما قال وزير الخارجية المصرى، سامح شكرى، أثناء مؤتمر صحفى مع نظيره الكويتى الثلاثاء 16 فبراير 2016 إن «مصر تعتبر قرار السعودية بالتدخل البرى فى سوريا أمرا سياديا منفردا»، وأضاف شكرى: «القرار السعودى لا يأتى فى إطار القوة الإسلامية المشتركة لمواجهة الإرهاب»، وتظهر تصريحات وزير الخارجية المصرى حجم التباين بين الموقفين المصرى والسعودى فيما يتعلق بالتدخل العسكرى فى الأزمة السورية، إذ عبرت السعودية أكثر من مرة عن استعدادها لإرسال قوات برية إلى سوريا.
وما يحدث الآن لا يتسم بالحكمة من البعض وإذا تطورت الأمور أكثر من ذلك سندفع جميعا ثمنا غاليا، ولعلنى أذكر الأجيال الجديدة أن الصراع العربى الإسرائيلى من 1948 وحتى الآن قد كلفنا «200 ألف» خسائر بشرية و600 مليار دولار وأربعة ملايين مشرد ولاجئ، فى حين أن حروبنا الأهلية المذهبية والأهلية فى السودان من 1956 وحتى إعلان دولة جنوب السودان، والعراق من 60 إلى 1991، ولبنان 1975 إلى 1990 واليمن الشمالى 1962 إلى 1972، وإلخ، قد كلفتنا خسائر بشرية مليون ونصف المليون و2300 مليار دولار، وثلاثة عشر مليون لاجئ ومشرد.
وإذا توقفنا فقط أمام تكلفة الصراعات المذهبية فى العراق بعد سقوط بغداد وحتى ظهور داعش سنجدها: «الخسائر البشرية مليونا قتيل والمشردوون ثلاثة ملايين والمادية 1200 مليار دولار».
أما حروب داعش فقط فى السنتين الآخيرتين فهى كالتالى: «الخسار البشرية 750 إلفا، اللاجئون والمشردون 14 مليونا والخسائر المادية 1300 مليار دولار»، أى أن خسائر حروبنا الداخلية العربية العربية تمثل أربعة ملايين وربع المليون فى حين أن خسائرنا مع إسرائيل «200 ألف»، وخسائرنا المادية 4800 مليار دولار فى حين أن خسائرنا مع إسرائيل «600 مليار» وإذا وصلنا للمشردين واللاجئين من جراء حروبنا العربية العربية سنجدهم 27 مليونا، فى حين أن حروبنا مع إسرائيل شردت «4ملايين فقط».
ناهيك عن حرب صدام وإيران وغزوه للكويت، أى أن خسائرنا من بعضنا البعض تبلغ عشرين مرة حجم خسائرنا مع العدو الصهيونى، وللأسف أن الـ«4800 مليار» كان يمكن أن تحدث تنمية وقفزة حضارية فى المنطقة، وأغلب هذه التكلفة من 1990 وحتى الآن دفعتها العربية السعودية، ولم أحسب بالطبع الحرب الأهلية الدائرة فى اليمن الآن.
العرب لا يعون الدرس، كل تلك الحروب الداخلية لم تستفد منها إلا إسرائيل التى تقدمت تكنولوجيا وعلميا بطريقة مذهلة، ونحن حتى الآن يتحاور بعضنا حول حق السيدات فى قيادة السيارات أو يجوز تهنئة المسلم للمسيحى فى الأعياد أم لا؟!!
وسائل الإعلام المختلفة يسيطر عليها بارونات الإعلام أحدهم لديه عدة سيارات أحدث موديل ويتحدث عن زحام المواصلات، ونائب فى حزب من المفترض أنه «ليبرالى» ينتقد د. جابر نصار لأنه أصدر قرارا بحذف الديانة من خانة البطاقة، ونواب آخرون لا يهمهم سوى «غشاء البكارة» والضعف الجنسى، جماعات المصالح قصيرة النظر ولا تدرى أن الصراع فى المنطقة أكبر من حدوتة سعر السكر، ليس أمام القيادة المصرية سوى محاولة احتواء الخلاف السعودى المصرى فى سياق صحة الموقف المصرى من الأزمة السورية، وليس أمام القيادة السعودية سوى إدراك أن حروبها فى اليمن وسوريا بلا طائل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة