طيار جاد الكريم نصر الطرابيلى

فتشنى.. فتش

الإثنين، 17 أكتوبر 2016 10:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ضحكت كثيرًا وأنا أتذكر عبارة الممثل الشهير إسماعيل يس من فيلم "ابن حميدو" حينما قال للمسئول عن نقطة التفتيش "فتشنى.. فتش" لكى يكشف عن الموجود مع المهربين الذين يركب معهم السيارة.. ومسئول نقطة التفتيش وجد نفسه محرجًا أن يفتشهم بعد أن عرف شخصياتهم فكانت النتيجة أنه قد تم مرور الممنوعات نتيجة هذا الإحراج.

 

إننى أتمنى أن يقول هذه العبارة كل راكب وهو يدخل المطار مقبلاً على التفتيش.. الأصل يا سادة فى هذا الإجراء لا استثناء لأحد.. لا استثناء لأحد.. يا ريت تسأل نفسك هل فى التفتيش إهانة لك؟.. هل فى هذا إذلال لشخصك الكريم؟ بالطبع لا هى بعيدة عن ذلك تماما ولكنها أحد أهم الإجراءات التى تتم بجميع مطارات العالم لتأمين الركاب والطاائرات.. اعتبرها أيها الراكب إجراء يتم كإجراء توقفك أمام طابور الجوازات لختم جواز سفرك قبل المغادرة أو بعد الوصول.

 

أيها الراكب التزم وابتسم وتعامل مع موضوع تفتيشك بأريحية تامة طالما أن من يتعامل معك يتبع قواعد الذوق واللياقة ويؤدى واجبه فقط بدون تعنت أو منظره.. والعجيب عزيزى القارئ أنك تجد أن نفس الراكب إذا تتبعته وهو يسافر من أى مطار فى الخارج ستجده ملتزما.. صبوراً.. مقبلاً على التفتيش.. محاولاً أن يكون مجاملاً مع من يفتشه.. متطوعاً لمساعدته إذا تطورت الامور لتفتيش يدوى.. طيب لماذا لا يطيب لك الأمر عندما يكون المطار مصريا؟.. لا أفهم السر.. أتذكر يوما كنت فى الولايات المتحدة الأمريكية وبالتحديد فى مطار لأنجلى (لوس أنجلوس) بولاية كاليفورنيا عائداً إلى القاهرة، وفجأة وقبل دخول الانبوب الموصل للطائرة دخلت لجنة تفتيش عشوائى (ممكن أن يتم ذلك على أى رحلة) ومنعت دخول الركاب قبل أن يتم تفتيشهم تفتيشا مفاجئا ليتأكدوا أن إجراءات من سبقوهم منذ دخول الراكب المطار وحتى صعود الطائرة كانت سليمة ومؤمنة تماماً. وقاموا بتخيير الركاب راكبا راكبا عندما يأتى دوره إما أن يتم تفتيشه وتفتيش الحقيبة المحمولة التى معه يدوياً أو يدخل مباشرة إلى الأنبوب وهناك يتواجد كلبان كبيران يقومان بشم الراكب والحقيبة، وفى الحقيقة إننى فضلت التفتيش اليدوى.. خوفاً من خطأ الكلب وله نسبة.. ولحظتها سأتعرض لإرهاب الكلاب وأسئلة وأجوبة من المسئولين قد تمتد إلى ما بعد إقلاع الطائرة بدونى.. على فكرة ما تشمه الكلام بأنفها الحساس هى أبخرة تنتج عن رائحة تنتجها المواد المتفجرة والمواد المخدرة.. وهى نفس الفكرة التى تعتمد عليها أجهزة الكشف الحديثة وتتحدد كفاءة الجهاز بمدى قدرته على اكتشاف هذه المواد بأنواعها المختلفة، خاصة المواد المتحولة منها.. ولذلك يتم تطوير هذه الأجهزة وتغذيتها ببيانات جديدة كلما تطورت هذه المواد وأختلفت نوعيتها. علاوة وهو الأهم هى قدرة خبير المفرقعات والجالس على الجهاز أمام الشاشات ومدى تدريبه العالى على الاكتشاف.

 

نعود ونؤكد أيها الراكب أن التفتيش لصالحك أولاً وأخيراً فمن يفتشك لن يكون معك على متن طائرتك، أى لن يصيبه ما كتبه الله لك.. لو حدث مكروه - لا قدر له - ولكنه بتفتيشك إنما يحافظ عليك ويؤمنك دون أن يشك فيك أو يخونك أنت بالذات ولكن أحدهم قد يكون بينكم.. هل تعلم عزيزى الراكب أنك بعد أن تكون قد ختمت جواز سفرك بختم المغادرة وتفتيشك بعدها تصبح راكباً مغادراً معقماً دون أن تغادر فعلياً.. وهل تدرك الآن أهمية ما يتم معك من إجراءات.

 

لدخول أى مطار فى العالم لا بد أن يكون معك أحد شيئين.. إما تذكرة طائرة صالحة للاستخدام.. أو تصريح دائرة جمركية مؤقتا أو دائما.. وتذكرة تعنى أنك راكب وقادم إلى المطار لكى تسافر خارج مصر إلى أى دولة يعنى هذا المطار هو حدود لمصر يجب تأمينها جيداً والمحافظة عليها.. أو يكون معك تصريح مؤقت إذا كان لديك أعمال أو مصالح يومية تنهيها.. أو يكون معك تصريح دائم إذا كنت من العاملين بالمطار.. وهنا أؤكد أيضاً أن جميع العاملين يخضعون للتفتيش الأمنى بدون استثناء رغم تعدد الجهات التى يعملون بها داخل المطار، فهناك 6 وزارات تعمل داخل المطار هى الطيران المدنى والداخلية والمالية والصحة والبترول والسياحة.. كل هؤلاء يخضعون للتفتيش بدون استثناء لأحد وقد يكون أكثر من مرة يوميا إذا استدعى الأمر دخولهم وخروجهم من الدائرة الجمركية طبقاً لطبيعة عملهم دون أن يقلل هذا الاجراء من آدمية أحد.. أو أهمية أحد.. أو أمانة أحد.. أو إخلاص أحد.. أو حتى وطنية أحد.. وإذا كانت هناك إجراءات أمنية مشددة حالياً فيجب أن نتفهم أنها طبيعة المرحلة، وكما أن هذه الإجراءات هى عبء على الراكب فهى أيضا عبء أكبر وأثقل على من يقومون بالتفتيش.

 

إن فى مطارات الولايات المتحدة الأمريكية يوصفون الألوان طبقاً للحالة الأمنية. فاللون الأخضر فى الحالة العادية.. واللون الأصفر إذا كان هناك تحذير أو إنذار، واللون الأحمر إذا كان هناك تهديد محتمل، وهنا يخضع الركاب بالكامل لأنواع مختلفة من التفتيش وإجراءات أخرى تؤكد على التفتيش الذى سبقه وهكذا.

 

والجميع متفهم ولا يتذمر أو حتى يشعر بالضيق من هذه الإجراءات المشددة وفيها يقوم الجميع بخلع الأحذية ووضع المعاطف والأحزمة والمحافظ وحقائب وإكسسوارات السيدات فى صندوق مخصص وإدخاله على جهاز كشف المفرقعات.. على فكرة الأحذية خاصةً الرياضية منها قد يكون بالفراغات داخلها وعند النعل يايات معدنية لإراحة القدم وإزالة الآلام وأيضاً كعوب أحذية السيدات قد يكون بها معدن عند آخر الكعب كل هذا يعطى قراءات خاطئة للجهاز، وتفادى هذه القراءة الخاطئة يكون بوضع الأحذية فى جهاز كشف المفرقعات وعدم المرور بها على جهاز كشف المعادن الخاص بالأشخاص لتفادى الخطأ وليس لتعمد إهانة الراكب.

 

ونحن فى مصر خاصة بعد حادث الطائرة الروسية وبعدما تعرضت المطارات المصرية لزيارات من وفود أمنية أجنبية كثيرة نطبق إجراءات أمنية مشددة. إذاً فلنعتبر أنفسنا فى حالة استعداد دائم لأننا لا نحتمل أى أعمال إرهابية قد تحدث خاصة بعد انحسار السياحة بهذه الصورة وفقدنا لمورد من أهم موارد الاقتصاد والعملة الصعبة.

 

إنك بتفتيشك تنأى بنفسك عن أى شبهة.. هل يرضيك أنه لو حدث أى شىء حتى لو كان بسيطا أن يشار إليك بأنك الوحيد الذى لم يفتش باعتبارك مسئولا كبيرا. هل تعلم أنك قد تتعرض لأسئلة فى أى مطار فى العالم على كاونتر تسليم الحقائب وأخذ بطاقة الصعود للطائرة مثل هل هذه حقيبتك؟ هل أنت الذى أعددتها؟ متى؟ هل أنت من أغلقها؟ هل قام بزيارتك أحد بعد إعدادها؟ هل أنت من نقل هذه الحقيبة إلى المطار؟ هل اقترب منها أحد؟ وهكذا وعليك أن تجيب.

 

فى النهاية لا بد أن نتقبل جميع الإجراءات الأمنية المشددة التى تتم، مراعين فيها ظروف بلادنا وطبيعة المرحلة، ونسعد جميعاً بتطبيق القانون على الجميع دون استثناء لأحد، وننسى شوية عبارة "أنت مش عارف احنا مين ولا أولاد مين فى مصر"، ولنذهب إلى مداخل التفتيش بالمطار ونحن مبتسمين مرددين "فتشنى.. فتش".

 

رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للمطارات سابقا

 

 

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة