هناك اتفاق على أننا نواجه وضعا اقتصاديا ناتجا عن تراكمات وأزمات متوالية، ونحتاج لمواجهة حاسمة وتحمل وصفة صعبة شديدة المرارة، والرهان أنه بانتهاء هذا الدواء يمكن أن يتعافى الاقتصاد ويعود إلى سياقه الطبيعى، والخلاف بين طرفين، واحد يرى الصعوبة من إمكانية الحل، وآخر لا يرى أى ضوء فى نهاية النفق. والرهان هو مدى القدرة على تحمل الدواء المر.
كثيرا ما نسمع ونقرأ عن الدعوة للبحث عن حلول لمشكلاتنا الاقتصادية والسياسية من خارج الصندوق، حلول غير تقليدية، مع أننا لم ننته حتى من الحلول الموجودة بالصندوق، هناك شبه اتفاق على التوصيف للمشكلات الاقتصادية، تضخم عجز موازنة نقص تمويل، والخلاف هو حول الحلول وما إذا كانت هى التى تتبعها الحكومة من اقتراض وتقشف وهيكلة للدعم، أو أنها بحاجة للمزيد من الإجراءات الاجتماعية التى تحمى الطبقات الفقيرة والمتوسطة من تأثيرات هذه السياسات.
ومعروف أنه لكل إجراء اقتصادى ثمن، فالتوصل إلى سعر واحد للعملة، يعنى المزيد من ارتفاع الأسعار حتى تصل إلى وضع مستقر، أما البقاء فى وضع السعرين للبنوك والسوق السوداء يعنى استمرار الارتباك، هناك بالفعل حوار وإن كان بين أطراف غير متواجهة، ويفترض أن يكون هناك حوارات مستمرة للتوصل لسياسات واضحة، وأن تقل تأثيرات السياسات على الفقراء.
هناك اتفاق على صعوبة الوضع، لكن الفرق واضح بين أطراف تطرح حلولا ولديها وجهات نظر، وأخرى تدفع نحو الإحباط واليأس والصدام. وربما هناك حاجة بالفعل، لأن يقوم حوار جاد بين الأطراف المختلفة وأن تكون لدى المعارضة مساحة يمكنها تقديم وجهة نظرها، فالهدف واحد وطبيعى أن يكون الكلام النظرى أسهل من التنفيذى.
وربما على من يطلبون حلا من خارج الصندوق، أن ينتهوا أولا من الحلول بداخل هذا الصندوق، هناك اتفاق على أهمية أن تتجه إجراءات الإصلاح الاقتصادى نحو الأكثر ثراء، وتتضاعف إجراءات الحماية للفقراء ومحدودى الدخل، وفى المقابل أن تتخلى بعض الأصوات عن تكرار التوصيف والشرح للأزمة المعروفة، دون أن تقدم حلولا من داخل ولا خارج الصندوق، وأن تقدم بديلا مقنعا لحالة العتاب الدائم من دون رؤية.
والأهم أنه سواء كنا خارج أو داخل الصندوق، نحن بحاجة إلى أن يقوم حوار يسمح بوجهات نظر، ومساحة أوسع لطرح الاختلافات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة