"ابحث عن المستفيد تعرف الفاعل".. قاعدة أمنية شهيرة تدخل حيز التطبيق بمجرد وقوع الجرائم، لتطرح التساؤل المنطقى (من المستفيد الأول من استهداف النائب العام المساعد؟)، لا شك فى أن أعداء الوطن هم المستفيدون من العملية وكل حادث يخل بأمن المصريين.
جماعة الإخوان هى المستفيد الوحيد من كل حادث إرهابى تشهده البلاد، فهذه صناعتهم دائما منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، والتى تعتمد على تسويق العمليات بين أنصارها على أنها "فتح مبين" رغم بيانات الإدانة باسم "سلميتنا أقوى من الرصاص"، وفى الجانب الآخر تعمل على إيهام الدول الغربية بأن الوضع الأمنى فى مصر مترهل إن لم تصل أكاذيبهم به إلى حد الانهيار.
إن القارئ لتتابع الأحداث يدرك علاقة جماعة الإخوان بالمحاولة الفاشلة لاغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، دون انتظار بيان الحركة المسماة "حسم" الخاص بتبنيها العملية الإرهابية، باعتبار أن التنظيم تورط على مدار 3 سنوات منذ 3 يوليو 2013 – وقت بيان عزل محمد مرسى – فى عشرات العمليات، ناهيك عن محاولات الخداع والتستر وراء حركات وتنظيمات تحمل أسماء مختلفة للتنصل من جرائمها.
فى تعريف "الإرهاب" نجد أن القاعدة العامة وكل النظريات ذهبت إلى أنه (عمل يهدف لترويع فرد أو جماعة أو دولة بغية تحقيق أهداف)، من هنا وجب البحث عن هدف الإخوان من استهداف المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، خاصة وأن الرجل لم يتشابك طيلة سنوات الإرهاب الثلاثة مع التنظيم، ولا يشغل منصب حاليا يتصل عمله بمكافحة جرائم الإرهاب، باعتباره مدير التفتيش القضائى.
حين النظر لعملية اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، نجد أن هناك بنك أهداف يمتلكه التنظيم الإرهابى لقتله، باعتباره المسئول الأول عن قضايا الإرهاب، وقرارات إحالة قادة الإخوان للمحاكمات، وفضح جرائم التخابر التى ارتكبها الرئيس الأسبق محمد مرسى وقيادات الجماعة.
بتطبيق نفس النظرية بحثا عن أهداف الجماعة والمكاسب التى سعت لتحقيقها من استهداف المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، سنجد عوامل أخرى مرتبطة بانهيار تنظيم الإخوان وراء محاولة الاغتيال الفاشلة، على رأسها "النجاح الأمنى" فى القضاء على موجات العنف والإرهاب.
منطقيا تثير الجملة الماضية لدى أى قارئ حساسية تجاه كلماتى المتناقضة، حتى يطرح السؤال الطبيعى (كيف نتحدث عن نجاح أمنى وهناك عملية إرهابية؟) تبحث وزارة الداخلية بأجهزتها الأمنية عن منفذيها حتى الآن، لكن الإجابة تكمن فى تفاصيل الحادث نفسه.
بنفس طريقة اغتيال المستشار هشام بركات، حاول تنظيم الإخوان استهداف النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز، بسيارة مفخخة وضعتها العناصر الإرهابية على جانب الطريق، انتظارا لمرور الموكب ومن ثم تفجيرها لاغتياله.
غير أن التفاصيل تختلف بشكل كلى، ففى عملية اغتيال النائب العام الراحل ثبت من التحقيقات أن العبوة الناسفة التى استخدمها التنظيم فى تفخيخ السيارة بلغت أكثر من 100 كيلو جرام، حيث توصلت العناصر المتورطة بفعل خبراتهم المكتسبة من دورات كتائب القسام العسكرية، إلى أن سيارات موكب المستشار هشام بركات "مصفحة" تحتاج لموجة تفجيرية كبرى حتى تحقق نتائج.
لكن بالانتقال لاستهداف موكب المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، تبين أن العبوة المستخدمة فى تفخيخ السيارة لم تبلغ 3 كيلو جرامات، وهذا دليل بالغ على افتقاد عناصر التنظيم للخبرة اللازمة فى تنفيذ العملية الإرهابية، وصعوبة نقلهم عبوة ناسفة بحجم كبير بفعل القبضة الأمنية القوية، وبالتالى كان الفشل عنوان العملية.
القبضة الأمنية القوية يترجمها بشكل واضح انحصار موجة الإرهاب الفترة الماضية، ونجاح وزارة الداخلية فى تصفية لجان العمليات النوعية – جناح الإخوان المسلح – والقبض على كافة أعضاء الخلايا الإرهابية، الأمر الذى وضع التنظيم فى مأزق شديد دفعه للبحث عن إثبات أى وجود له.
لما لا؟.. فالعشوائية بدت جلية فى عمليات الحركة المسماة "حسم" التى يتخذها تنظيم الإخوان ستارا لعملياته الإرهابية، وواقعة استهداف المفتى السابق "على جمعة" ليست ببعيدة، حيث كان الفشل عنوانها لتؤكد أن النجاح الأمنى له الفضل فى القضاء على الإرهابيين العتاة.
دلالة عملية استهداف المستشار زكريا عبد العزيز عثمان، تشير إلى 3 أمور واقعية يلمسها كل مطلع ومتابع لقضايا الإرهاب، أن الهدف منها تطلع التنظيم الإخوانى لإثبات تواجده داخل مصر، وأن العناصر المنفذة للعملية لا تمتلك سوى العشوائية فى تحركاتها، وأن وزارة الداخلية استطاعت القضاء على خلايا الإرهاب ولم يتبق سوى فلوله المتناثرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة