دينا شرف الدين

متغربيناش

الأحد، 02 أكتوبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
متغربيناش وتقولى قدر           متوهيناش فى موانى سفر
متضيعيناش فى دموع وفراق     هتجيبى منين زينا عشاق
فى قلوبنا حصاد                            فى عنينا مطر
 
متغربيناش
 
متغربيناش فى بلاد بتموت      واحنا الخالدين
يا أول زرعة وأول قوت             ويا أول دين
العمر بدونك ليل بيفوت            مهزوم وحزين
 
متغربيناش
 
لم  أجد خيراً من هذه الكلمات الرائعة التى أبدعها الشاعر الغنائى جمال بخيت وتغنى بها المطرب الكبير على الحجار منذ أكثر من عشرين عاماً.
 
وبما أن الأيام والسنوات عادة ما تشابه بعضها البعض، وبما أن الفن الراقى هو حقاً مرآة الشعوب لذا فقد عبرت هذه الكلمات الصادقة عن مأساة حقيقية نعيشها  ونتجرع مرارة قسوتها فى مصر الآن وسابقاً.
 
لكن لكل عصر مسبباته التى تفجر مثل هذه المآسى والتى لا تختلف عن بعضها، إلا شكلاً فقط ولكن يظل الموضوع واحد .
 
فعندما نتوقف عند معنى كل كلمة من الكلمات التى مرت عليها عشرات السنوات نجدها تفصح عن أهم مشكلات المجتمع المصرى فى السنوات الأخيرة وهى الهجرة غير الشرعية التى تحولت بين ليلة وضحاها إلى كابوس مؤلم يطيح بضراوة بكل أحلام عدد لا بأس به من شباب مصر.
 
هذا الذى سرعان ما يتحول حلمه الوردى فى السفر للخارج والمستقبل المشرق الذى ينتظره هناك والملايين التى سيجمعها فى بلاد الأغراب إلى كابوس مؤلم ربما يودى بحياته بأكملها
 !
تلك هى الأزمة التى استعرضناها معاً والتى انفطرت لها قلوب المصريين حزناً على ضحايا حادثة الهجرة غير الشرعية الأخيرة (مركب رشيد أو مركب الموت)!
 
لكننا لم نشغل أنفسنا كثيراً بمحاولة العثور على حلول جذرية للتخلص من أسباب المشكلة، والتى لا يجب أن نلقى فيها باللوم على طرف دون الآخر وذلك إن أردنا إصلاحا.
 
فمن إذاً الجانى ومن المجنى عليه؟
 
أدعوكم أعزائى لإمعان التفكير والتحليل لعلنا نهتدى إلى سواء السبيل .
 
أولاً (مسئولية الدولة ):
 
فالدولة هى المسئول الأول والأهم، فلم تنظر أجهزة الدولة وحكوماتها يوماً بعين الرأفة والإنسانية والمسئولية لهؤلاء المعدمين من شباب ورجال مصر، متعلمين و غير متعلمين لا فرق !
 
ماذا قدمت الدولة لهؤلاء الباحثين عن الفرار كى تثنيهم عن هذا العزم وتستثمر طاقاتهم المهدرة و تبدل إحباطهم  بالتفاؤل و يأسهم بالأمل؟؟
 
لا شىء وكأن وظائف الدولة التى تتولى مهامها وزارة القوى العاملة مجرد سرادقات لليأس والسواد والفقر وضعف المرتبات فضلاً عن قذارة المصالح الحكومية شكلاً وموضوعاً، بجانب الفساد الذى تملأ رائحته أرجاء المكان، وبكل أسف لم تنجو منه مؤسسة واحدة إن لم نكن مجحفين فى الأحكام !
 
فما الذى يبعث على التفاؤل والانتظار من وجهة نظر هؤلاء المحبطين؟
 
فإن لم يكن الخريج الجامعى مستنداً على واسطة متينة، لا يطمع فى أى تقدير أو وظيفة تتناسب مع كفاءته وقدراته ونوعية دراسته التى قضى بها سنوات يحلم بالمستقبل الوردى الذى ينتظره !
 
فتحولت الوظائف المرموقة إلى حكر على فئات بعينها ويتم توريثها للأولاد والأحفاد والأقارب والمحاسيب فى غفلة أو ربما تجاهل من أولى الأمر !حتى الفلاح لم يعد يجد الأرض التى يعمل بها كما تعود، فقد تجرفت مساحات كبيرة من الأراضى وتحولت إلى مبانى بعد أن تفتتت الأرض الزراعية المصرية التى كانت من أهم ثروات و منابع خيرات البلاد !
 
أما العامل المسكين فقد تم تسريحه بعد أن أغلقت معظم المصانع أبوابها بوجهه!
 
كل هذه العثرات بجانب ارتفاع الأسعار المتزايد يومياً بشكل لا يتناسب إطلاقاً مع مستويات الدخول، إن كان هناك دخلاً من أساسه !
 
هذا من ناحية الدولة ومسئوليتها تجاه قطاعات المحبطين من شباب ورجال مصر الباحثين عن فرص الهرب و الفرار، فهل تستفيق الدولة لتراجع جوانب تقصيرها وتحمل مسئولياتها بحق و توفر فرص للعمل بمقابلات مادية تحقق التوازن بين الدخل والإنفاق؟
 
هل تنتفض لتصحح الأخطاء وتهدم القوالب الراسخة فى أذهان هؤلاء وتطهر مؤسساتها من الفساد والوساطة والمحسوبية؟
 
إن قامت الدولة بدورها وصححت أخطاءها قدر المستطاع وفتحت ذراعيها بحب لأبنائها، ستجدهم دون شك خير معين .
 
ثانياً: قطاعات الباحثين عن الهجرة :
 
وهم أيضاً مخطئين بحق أنفسهم وبحق أوطانهم، فقد اختاروا طريق الهزيمة  ليسيروا فيه ويبحثون عن الفرصة الذهبية فى بلاد الأغراب، التى لن تتحقق و إن تحققت فهى مجرد صدفة ليس إلا !
 
فقد اختارت هذه القطاعات طريق الاستسلام  لليأس والهزيمة  وانعدمت بداخلها مشاعر الانتماء والوطنية وتكسرت لديها الإرادة والعزيمة، واختار هؤلاء الخيار الأسهل من وجهة نظرهم وتخلوا عن مسئوليتهم الحقيقية فى النهوض ببلادهم التى تحتاج إلى سواعدهم وعزائمهم وضمائرهم الوطنية التى لن تنهض مصر من غفلتها ولن تتطهر من مفسديها دونهم .
 
فيا معشر الشباب الباحثين عن الفرار والهروب من المسئولية :عودوا إلى رشدكم، ولا تستسلموا لإحباطكم، ولا تتركوها لأعدائها وأعدائكم بحثاً عن سراب قد يودى بحياتكم، فصبرٌ جميلٌ والله المستعان .
 
إذاً فخلاصة القول :
كلنا جانى وكلنا مجنى عليه، فليصحح  المخطئ خطأه، وليعترف المذنب بذنبه  وليتخلى كل طرف عن عناده.
لعل الله يجعل لنا من بعد عسرٍ يسرا .
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة