«حينما أنوى عمل رحلة مع عائلتى لابد أن أقول لابنتى إلى أين نحن ذاهبون، وكيف سنصل إلى وجهتنا، وما الذى سنفعله فى هذه الرحلة وكذلك الحال بالنسبة للاقتصادى المصرى» هذا ما قاله الدكتور الخبير الاقتصادى المصرى العالمى محمد العريان، فى حديثه الشيق مع الإعلامية لميس الحديدى، وبهذا المثال أراد العريان أن يشير إلى أهمية المصارحة والمكاشفة من جانب الحكومة تجاه الشعب، وللأسف بينما كنت أشاهد تسجيلا لحلقة العريان مع «الحديدى» كان المهندس شريف إسماعيل فى إحدى الفضائيات يقول «لا توجد أزمة سكر» بينما الشعب غارق فى الأزمة من شعر رأسه إلى أظافر قدميه.
فى هذا الحوار ركز العريان على العديد من النقاط المركزية بشأن الأزمة الاقتصادية الحالية، ومن أهم هذه النقاط أهمية إجراء الإصلاحات الاقتصادية القاسية التى ستغضب الجميع، مع الحفاظ على رعاية الفقراء أو على حد قوله «حماية» الفقراء من هذه الإجراءات، وهو الأمر الذى ناديت به فى الأيام الماضية ذاكرا العواقب الوخيمة التى من الممكن أن تحدث لو لم تحمِ الحكومة الطبقات الفقيرة من ويلات الإصلاح الاقتصادى، قالها العريان أكثر من مرة، وجعلها جملة ملازمة لكل حديث عن الإصلاح، وأعتقد أن ما قاله العريان فى العلن على شاشات التليفزيون قيل من قبل فى الاجتماعات والمناقشات مع أطياف السلطة فى مصر، لكن للأسف نرى الآن مرور تلك الإجراءات القاسية ولا نرى حماية للفقراء، بل على العكس نرى حماية للأغنياء بعدم تطبيق ضرائب الأرباح الرأسمالية، بينما نرى تجبرا على الفقراء برفع الدعم عن كل شىء، والعمل على تعويم الجنيه برغم أن ضرائب الأرباح الرأسمالية من أوائل الشروط التى يشترطها صندوق النقد الدولى لمنح مصر القرض المتفق عليه.
إعادة الثقة فى السوق المصرى، تحرير سعر العملة، إصدار التشريعات الميسرة للاستثمار، التمتع بمرونة تمكن صناع القرار من مواكبة المتغيرات العالمية، الاعتماد على الكفاءات المصرية، الاعتماد على ضخامة السوق المصرى، الاعتماد على الموقع المتميز لمصر، وقبل هذا كله وبعده حماية فقراء مصر من المتغيرات الاقتصادية العاصفة، هذه هى الروشتة التى قدمها العريان إلى مصر عبر حديثه الصريح للإعلامية لميس الحديدى، وفى الحقيقة كنت أتمنى أن يستفيض العريان فى شرح خطوات حماية الفقراء بشكل أكثر تفصيلا، أو بمعنى آخر: ما هى الطريقة الصحيحة لرعاية الفقراء دون الوقوع فى شبكات الفساد وتبديد الموارد على ما لا ينفع؟