قال مسؤولون أمريكيون وغربيون وإيرانيون لرويترز أن إيران صعدت عمليات نقل السلاح للحوثيين الذين يقاتلون الحكومة المدعومة من السعودية فى اليمن وذلك فى تطور يهدد بإطالة أمد الحرب التى بدأت قبل 19 شهرا واستفحالها.
ومن الممكن أن تؤدى زيادة وتيرة شحنات الأسلحة فى الأشهر الأخيرة والتى قال المسؤولون إنها تشمل صواريخ وأسلحة صغيرة إلى تفاقم المشكلة الأمنية بالنسبة للولايات المتحدة التى وجهت ضربات فى الأسبوع الماضى لأهداف حوثية بصواريخ كروز ردا على هجمات صاروخية فاشلة على مدمرة تابعة للبحرية الأمريكية.
وقال المسؤولون أن جانبا كبيرا من عمليات التهريب تم عن طريق سلطنة عمان المتاخمة لليمن بما فى ذلك عبر طرق برية استغلالا للثغرات الحدودية بين البلدين.
ويمثل ذلك ورطة أخرى لواشنطن التى تعتبر السلطنة أحد أطراف التحاور الرئيسية وحليفا استراتيجيا فى المنطقة التى تشهد صراعات متعددة.
وقال مسؤول رفيع المستوى فى الإدارة الأمريكية أن واشنطن أبلغت عمان بما لديها من مخاوف لكنه لم يحدد التوقيت الذى حدث فيه ذلك.
وقال المسؤول لرويترز "أقلقنا التدفق الأخير للأسلحة من إيران إلى اليمن ونقلنا تلك المخاوف لمن يحتفظون بعلاقات مع الحوثيين بمن فيهم الحكومة العمانية."
وتنفى سلطنة عمان وجود عمليات تهريب للسلاح عبر حدودها ولم يتسن الاتصال بالمسؤولين العمانيين للتعقيب على ذلك. ويقول مسؤولون يمنيون ومسؤولون كبار فى المنطقة أن العمانيين ليس لهم دور نشط فى عمليات نقل السلاح وإن كانوا يغضون الطرف عنها ولا يبذلون جهدا كبيرا لوقفها.
وفى حديث مع صحيفة عكاظ الأسبوعية نشر الأسبوع الماضى قال يوسف بن علوى وزير الخارجية العمانى أنه لا صحة لهذا الأمر وإنه لا توجد أسلحة تمر عبر الحدود العمانية.
وقد ظفر الحوثيون المتحالفون مع إيران بكميات كبيرة من السلاح عندما انضمت إلى صفوفهم فرق كاملة متحالفة مع الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح فى بداية الحرب العام الماضى.
غير أن السعودية والحكومة اليمنية فى المنفى تقولان أيضا أن الحوثيين يتلقون كميات كبيرة من السلاح والذخيرة من إيران. وتعتبر طهران الحوثيين السلطة الشرعية فى اليمن لكنها تنفى أنها تزودهم بالأسلحة.
وأبدى بعض المسؤولين الغربيين تشككا فى تلقى الحوثيين دعما على نطاق واسع من إيران.
وقال المسؤولون الأمريكيون والغربيون الذين تحدثوا لرويترز عن الاتجاه الأخير فى عمليات نقل السلاح أن ذلك قائم على معلومات اطلعوا عليها لكنهم لم يفصحوا عن طبيعتها.
وقال المسؤولون أيضا أن وتيرة نقل السلاح عبر طرق التهريب البرية المعروفة تسارعت بشكل ملحوظ غير أن أحجام الشحنات ليست واضحة.
وحتى المسؤولين الأمريكيين الذين بحذرون من الدعم الإيرانى للحوثيين يسلمون بوجود ثغرات استخباراتية فى اليمن حيث تقلص النشاط الأمريكى بشكل كبير منذ بداية الصراع. وقد طلبت جميع المصادر عدم الكشف عن أسمائها بسبب حساسية الموضوع.
وقال دبلوماسى غربى مطلع على مجريات الصراع لرويترز "نحن على علم بالزيادة الأخيرة فى وتيرة شحنات السلاح التى تقدمها إيران وتصل إلى الحوثيين عن طريق الحدود العمانية."
وأكد ثلاثة من المسؤولين الأمريكيين ذلك.
وقال أحد هؤلاء المسؤولين الثلاثة وهو مطلع على تطورات الأوضاع فى اليمن أن الشهور القليلة الماضية شهدت زيادة ملحوظة فى نشاط تهريب السلاح.
وقال المسؤول "ما ينقلونه عن طريق عمان عبارة عن صواريخ مضادة للسفن ومتفجرات... وأموال وأفراد."
وقال مصدر أمنى آخر من المنطقة أن الشحنات شملت أيضا صواريخ قصيرة المدى سطح-سطح وأسلحة صغيرة.
وأكد دبلوماسى إيرانى رفيع المستوى أنه حدثت "زيادة حادة فى مساعدات ايران للحوثيين فى اليمن" منذ مايو آيار الماضى مشيرا إلى الأسلحة والتدريب والمال.
وقال الدبلوماسى "الصفقة النووية منحت ايران اليد العليا فى تنافسها مع السعودية غير أنه يتعين الحفاظ على ذلك."
وكان حلفاء واشنطن فى منطقة الخليج قد حذروا من أن نهج التقارب مع طهران الذى اتبعه الرئيس الأمريكى باراك أوباما من خلال الاتفاق النووى التاريخى الذى وقع العام الماضى لن يفضى سوى إلى زيادة جرأة إيران فى الصراعات الدائرة فى سوريا ولبنان واليمن وغيرها.
وتهدد زيادة وتيرة نقل السلاح فى ظل استمرار الحرب الأهلية بتوريط الولايات المتحدة فى الصراع الذى سقط فيه عشرة آلاف قتيل ويؤجج التنافس بين القوتين الإقليميتين السعودية وإيران. وقد بدأ يوم الأربعاء سريان وقف لإطلاق النار تم الاتفاق عليه بوساطة الأمم المتحدة لمدة 72 ساعة.
ومنذ بداية الحرب استخدم الحوثيون صواريخ سكود قصيرة المدى وتقول الأمم المتحدة إنهم استخدموا أيضا صواريخ سطح-جو كصواريخ سطح-سطح لمهاجمة السعودية.
غير أن هجوما صاروخيا- تحوم الشبهات فيه حول الحوثيين- وقع هذا الشهر على سفينة تابعة للإمارات فى ممر بحرى استراتيجى بالبحر الأحمر وكذلك المحاولات التى وقعت لاستهداف السفينة الحربية الأمريكية تثير المخاوف بشأن قدرة الحوثيين على شن هجمات أكثر جرأة.
ونفى الحوثيون استهداف المدمرة الأمريكية ميسون.
وقال مسؤولان أن الولايات المتحدة تدرس ما إذا كانت مكونات الصواريخ بما فيها الرأس الحربى قد استخدمت فيها أجزاء إيرانية أو أنها قادمة من إيران غير أنهما قالا أن التقييم غير قاطع حتى الآن.
وقال الجنرال جوزيف فوتل قائد القيادة العسكرية المركزية الأمريكية أنه يشتبه بوجود دور إيرانى فى تسليح الحوثيين وأشار إلى أن إيران من الموردين المحتملين لهذا النوع من تكنولوجيا الصواريخ المنصوبة على الشاطئ التى شوهدت فى اليمن.
وقال فى ندوة فى واشنطن "أعتقد أن إيران تلعب دورا فى هذا الأمر. فمن المؤكد أن لها علاقة مع الحوثيين."
وقال دبلوماسى غربى رفيع المستوى لرويترز أن الدور الايرانى فى مساعدة الحوثيين تزايد بدرجة كبيرة منذ مارس آذار عام 2015 عندما تدخل السعوديون لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادى إلى سدة الحكم.
وقال الدبلوماسى أن هناك مخاوف من ألا تكون سلطنة عمان تعاملت بالشدة الواجبة مع عمليات التهريب الإيرانية.
وأضاف "فى رأيى أن مستوى تهريب السلاح الإيرانى لا يحظى على الأرجح بالاهتمام الذى يستحقه."
وعموما فقد تجنبت واشنطن توجيه انتقادات علنية لمسقط خاصة أن السلطنة لعبت دورا تاريخيا فى التوسط على الاتفاق النووى.
وقال مسؤول يمنى كبير لرويترز أن ثمة زيادة فى عمليات تهريب السلاح إلى الحوثيين عن طريق عمان لكنه لم يستطع القطع بما إذا كانت تلك الأسلحة إيرانية.
وقال محمد المقدشى رئيس أركان الجيش اليمنى فى مقابلة فى الآونة الأخيرة مع التلفزيون الرسمى أنه يجب على سلطنة عمان أن تكون أكثر تشددا فيما يتعلق بعمليات التهريب. وأضاف أنه يجرى العمل على تشديد عملية حراسة النقاط الحدودية.
وقال مصدر عسكرى يمنى رفيع المستوى لرويترز أن أحد مسارات التهريب يمر بمنطقة الشحن التى تعتبر أرضا حراما بين البلدين ومنفذا لدخول محافظة المهرة على امتداد الحدود اليمنية العمانية التى يبلغ طولها 288 كيلومترا.
ورغم أن هذه المنطقة من الناحية الرسمية تحت السيطرة الحكومية فهى طريق معروف لعمليات التهريب وتضعف فيها السلطة المركزية.
وبالإضافة إلى التهريب عبر مرافئ ثانوية على امتداد الشريط الساحلى اليمنى قال المصدر أن وتيرة عمليات التهريب زادت "لأن إيران تشعر بأن الحوثيين فى وضع صعب وتريد أن تظهر أنها تقف معهم حتى النهاية."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة