منذ اللحظة الأولى عقب حلف الدكتور الهلالى الشربينى اليمين الدستورية وزيراً للتربية والتعليم فى حكومة شريف إسماعيل، فى التاسع عشر من سبتمبر بالعام المنصرم، والأوضاع تزداد سوءاً، الإهمال والمخالفات تضرب معظم المدارس، بعضها تحول إلى قاعات أفراح، والبعض الآخر زادت به حالات العنف ضد الطلاب، فضلاً عن عدم امتلاك الوزير الجديد رؤية لتطوير العملية التعليمية، حتى باتت إقالته واجباً وطنياً ملحاً، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان وانهيار المنظومة بالكامل.
الانشغال بمعارك جانبية
ومنذ أن وطئت قدما "الشربينى" الوزارة، شغل نفسه بمعارك جانبية مع رواد السوشيال ميديا، عقب نشره عدداً من التدوينات تحتوى على أخطاء لغوية وإملائية لا يصح أن يقع فيها مسئول بحجم وزير التربية والتعليم، الأمر الذى أثار حالة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعى، انتهت بهزيمة الوزير المبجل عقب حذفه تلك التدوينات من صفحته الشخصية.
بعدها دخل الوزير فى معركة أخرى "خاسرة" مع طلاب الثانوية العامة، تمثلت فى إصداره قراراً بتخصيص عشر درجات للحضور والانضباط لطلاب الثانوية العامة، وهو ما رفضه الطلاب وأولياء الأمور، الذين خرجوا فى مظاهرات بمحافظات الجمهورية احتجاجاً على قرار الوزير، والذى لم يجد سبيلاً إلا إلغاء القرار لتهدئة الشارع.
تسريبات الثانوية العامة والرسوب فى أول اختبار
وكانت امتحانات الثانوية العامة العام الماضى "الاختبار الحقيقى" الأول بالنسبة للوزير الجديد، خاصة بعد الوعود الرنانة التى أطلقها بأن الوزارة سوف تشهد عهداً جديداً، ولكن سرعان ما تبددت تلك الوعود وظهر الفشل الذريع وغياب الرؤية، متمثلاً فى الإخفاقات المتتالية منذ اللحظة الأولى لانطلاق ماراثون الامتحانات، والتى كانت بمثابة انتصار لصفحات الغش الإلكترونى على وزارة التعليم، حيث اضطرت الوزارة لإلغاء بعض الامتحانات وتأجيلها لإشعار آخر، معترفة اعترافاً صريحاً بالفشل فى إدارة المنظومة.
ولم يختلف العام الدراسى الجديد عن سابقيه سوءاً، إن لم يكن أسوأ، حيث ظهرت العديد من المخالفات والكوارث فى الأيام الأولى للدراسة، وسط الغياب التام للرقابة من جانب الوزارة، الأمر الذى ينذر بانهيار منظومة التعليم فى مصر، ويتطلب وقفة سريعة وجادة من المسئولين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأون، نظراً لأهمية التعليم لمستقبل الأجيال القادمة.
واستمر مسلسل الإهمال فى المدارس الحكومية والخاصة، مع بداية العام الدراسى الجديد، وكان أبرزها ما رصدته وسائل الإعلام من إجبار إحدى المدارس بمحافظة السويس للتلاميذ على حمل مواد البناء من الرمال والطوب، ليس ذلك فحسب بل واعتراف مسئولى المدرسة بالواقعة، معللين تلك الفعلة بالنشاط المدرسى، وسط غياب تام للرقابة من جانب المسئولين، ما يجعل الهروب الجماعى لتلاميذ هذه المدارس وغيرها نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة من القائمين على المنظومة.
واقعة أخرى شهدتها إحدى المدارس التابعة لإدارة بسيون التعليمية فى محافة الغربية، عقب سقوط إحدى مراوح السقف على رأس تلميذ بالفصل، وإصابته بجروح قطعية فى الرأس، فما كان من الوزارة إلا إصدار بيان بإحالة مسئول الصيانة للتحقيق، أما الواقعة الأبرز فكانت إقامة حفل زفاف داخل إحدى المدارس فى دمياط، مروراً بوقائع الضرب المبرح لتلاميذ المدارس والذى يسبب عاهات مستديمة، منها ما يقع بسبب ابتزاز الطلاب بسبب الدروس الخصوصية، ومنها ما يحدث بسبب عنف المدرسين أنفسهم وغياب ثقافة التعامل القويم مع التلاميذ فى هذه السن.
وواصل الوزير مسلسل الأزمات التى يفجرها منذ توليه منصبه، ولكن هذه المرة تمثل فى تأخر طباعة الكتب المدرسية، على الرغم من وعوده بتسليم الكتب فى موعدها، إلا أننا فوجئنا بتأخر وصولها لعدد كبير من المدارس بالمحافظات، واضطرت الوزارة لتسليم بعض الكتب طبعات قديمة، ومنها كتاب اللغة العربية للصف الثانى الإعدادى، والأحياء للصف الأول الثانوى بإدارة المرج بالقاهرة، ومحافظات المنيا والمنوفية والغربية وسوهاج طبعة 2015/2016، بدلاً من الطبعة الجديدة، وفى شمال سيناء تم توزيع كتب التعليم الفنى طبعة 2013/2014.
حلايب وشلاتين فى حدود السودان
وكانت الكارثة الكبرى فى عهد الوزير المبجل خاصة بتطوير المناهج الدراسية، وهى التى كشفتها إحدى الخرائط بالصفحة رقم 14 فى كتاب اللغة الإنجليزية للصف الثانى الإعدادى، بوجود خطأ فادح فى حدود مصر الجنوبية، متمثلاً ضم منطقتى حلايب وشلاتين المصريتين لحدود السودان، على الرغم من مراجعة الكتب من قبل لجان متخصصة بمعرفة الوزارة.
يأتى ذلك على الرغم من تأكيد الوزير على تنقيح المناهج وإزالة الحشو والتكرار بها وتعديل الحدود الجغرافية المصرية فى الخرائط التى تضمنتها المناهج، فاضطرت الوزارة لتعميم خطاب للمديريات التعليمية لتعديل الخريطة بعد عرضها على متخصصين وإرسال خطاب للمدارس والمديريات لتلاشى الخطأ الموجود فى الخريطة وتعديلها على وجه السرعة، ما يعد تقصيرا واضحا يستوجب المحاسبة الشديدة من جانب المسئولين.
المجموعات المدرسية مشروع بلا دراسة
وعندما حاول الوزير محاربة الآفة الأخطر التى يعانى منها كل وزير وهى "الدروس الخصوصية"، وقدم مشروعاً بديلاً يعتمد على مجموعات التقوية، متضمناً حق الطالب فى اختيار المعلم، حتى ولو كان فى مدرسة أخرى غير مدرسته، لضمان عدم ذهابه لمراكز الدورس، بالإضافة إلى عدم السماح لزيادة أعداد الطلاب بالمجموعة عن 25 طالباً، إلا أن هذه المرة أيضاً لم يحالفه الحظ، حيث أثبت المشروع عدم جدواه، وأنه كان يحتاج لدراسة عميقة قبل خروجه لضمان تطبيقه بشكلٍ جادٍ.
وبات استمرار الهلالى الشربينى فى وزارة التعليم بأنه مواصلة لمسلسل الفشل الذى يقود العملية التعليمية إلى الهاوية، وأصبح التعديل الوزارى مطلباً ملحاً وإقالة الوزير واجباً قومياً لإنقاذ العملية التعليمية من الهاوية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة