تدفع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها مصر، الحكومة إلى ضرورة اتخاذ العديد من الإجراءات التقشفية لمواجهة عجز الموازنة، كان أبرزها تخفيض الإنفاق فى جميع الوزارات والمصالح الحكومية بنسبة تصل إلى 20%، بالإضافة إلى خفض مستوى التمثيل الدبلوماسى فى الخارج إلى 50%، هل يبقى السؤال هل تكفى هذه الإجراءات لمواجهة الأزمة المتفاقمة فى البلاد خلال الفترة الماضية؟
اليوم السابع يرصد إجراءات الحكومة التقشفية وتجارب البلاد الأخرى مع التقشف فى هذا التقرير..
بدأت الحكومة المصرية عددا من الإجراءات التقشفية أملا فى مواجهة عجز الموازنة العامة للدولة، من خلال تقليل نفقاتها بالإضافة إلى عدد آخر من الإجراءات، اليوم السابع يرصد ما هو المقصود بالتقشف وهل تكفى هذه الإجراءات لمواجهة عجز الموازنة العامة للبلاد؟
شريف إسماعيل رئيس الوزراء
ما المقصود بسياسة التقشف التى بدأت الحكومة فى انتهاجها مؤخرا؟
التقشف هو مصطلح يشير فى علم الاقتصاد إلى السياسة الحكومية الرامية إلى خفض الإنفاق وغالبا ما يكون ذلك من خلال تقليص الخدمات العامة، وفى كثير من الأحيان تلجأ الحكومات إلى الإجراءات التقشفية بهدف خفض العجز فى الموازنة، وغالبا ما تترافق خطط التقشف مع زيادة الضرائب، كما أن تفسيره السياسى يعتبر برنامجا حكوميا ذا طابع اقتصادى، يستهدف الحد من الإسراف من زيادة الإنفاق علاجاً لأزمة اقتصادية، تمر بها البلاد.
وافقت الحكومة فى آخر اجتماعاتها الأسبوع الماضى، على قرارات اللجنة الوزارية الاقتصادية بترشيد وخفض الإنفاق فى جميع الوزارات والمصالح الحكومية والشركات ووحدات الجهاز الإدارى للدولة بنسبة تصل إلى ٢٠%، دون المساس بالأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية.
وأصدار قرار بخفض التمثيل الخارجى فى البعثات التابعة للوزارات بنسبة ٥٠%، والاستفادة من الكوادر الموجودة بوزارة الخارجية فى إنجاز أعمال هذه البعثات.
وبحسب وزارة الخارجية فإن عدد السفارات والقنصليات والبعثات المصرية فى الخارج يصل إلى 162 سفارة وقنصلية مصرية مقيمة فى مختلف دول العالم، ويقدر عدد الدبلوماسيين العاملين فى البعثات المصرية فى الخارج وديوان وزارة الخارجية فى القاهرة إجماليا 980 دبلوماسيا من كافة درجات السلك الدبلوماسى والقنصلى.
وكشفت بيانات وزارة المالية ارتفاع موازنة الشؤون الخارجية فى موازنة العام المالى الجارى لتصل إلى 6 مليارات جنيه، مقابل 5 مليارات العام الماضى 2015-2016، كما تبلغ موازنة الهيئة العامة لصندوق تمويل مبانى وزارة الخارجية فى الخارج نحو 2.3 مليار جنيه مقابل نحو 1.8 مليار العام المالى الماضى.
هل تكفى الإجراءات الحكومية المعلنة فى إطار سياسة التقشف؟
هذه الإجراءات ليست كافية، فمن بين الإجراءات المهمة التى قد تضطر الدولة مستقبلا لتنفيذها خلال الفترة المقبلة هو تخفيض عدد الحقائب الوزارية والتى يصل عددها إلى نحو 33 وزارة، وهو الرقم الذى يضع مصر فى مقدمة الدولة التى تعتمد على عدد كبير من الوزارات، حيث يبلغ عدد الحقائب الوزارية فى الصين 18 وزيرًا رغم أن عدد سكانها نحو مليار ونصف المليار نسمة، وأمريكا يتراوح عدد وزرائها ما بين 14 إلى 21 وزيرًا فى ظل أن عدد سكانها نحو 319 مليون نسمة، فيما قلصت روسيا حقائبها الوزارية لتصل إلى 22 وزيرًا فقط فى ظل أن إحصائيات عدد سكانها لعام 2013 وصل إلى ١٤٣ مليون نسمة و500 ألف، كما أن اليونان خفضت عدد وزرائها بعد ازمتها الاقتصادية إلى 10 وزراء فقط.
اجتماع مجلس الوزراء
تخفيض عدد الوزارات ليس فقط الحل الوحيد ولكن أيضا يجب ترشيد الإنفاق الحكومى، فيجب إعادة النظر فى أجور ومكافآت كبار موظفى الدولة، فبحسب تصريحات سابقة للنائب أحمد فرغل، أمين سر اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، فإن هناك سياسات يجب أن تتبعها الحكومة حتى ينجح التقشف، ومنها إلغاء أى تجديدات داخل المكاتب والهيئات الحكومية لمدة عام كامل، وإعادة النظر فى البدلات والمكافآت الخاصة بكبار المسئولين"، مضيفا "خلال مناقشتى لإحدى الهيئات التابعة لوزارة التجارة والصناعة تبين أن 5 ملايين جنيه أنفقت على البدلات، و10 ملايين جنيه آخرى انفقت مقابل بدلات حضور جلسات، وهذه تعتبر أرقام مبالغ فيها جدًا"، ويكمل "يجب أيضا إعادة النظر فى المستشارين التابعين للوزراء، وكبار المسئولين، لأنه ذلك من طبيعة التقشف، ويجب أيضا تطبيق الحد الأقصى للأجور، حيث إن هناك من الموظفين من يتقاضى شهريا 300 ألف جنيه من الصناديق الخاصة، بمعنى أنه يحصل على 42 ألف جنيه من الموازنة ثم يحصل على مكافآت خيالية من الصناديق الخاصة، التى يجب أن تضم إلى الموازنة العامة للدولة".
هل تجربة الحكومة الحالية فى التقشف هى الأولى فى مصر؟
منذ ثورة 23 يوليو فإن مصر انتهجت سياسة التقشف خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذى قرر أن يتخذ قرارات للتقشف وتوجيه الجزء الأكبر من ميزانية الدولة إلى بناء الجيش فى أواخر الستينات.
هل هناك تجارب دولية فى التقشف؟
تبقى سياسة التقشف هى الحل الوحيد أمام أى دولة تعانى من مشكلة اقتصادية مثل عجز الموازنة وانخفاض الإيرادات مقارنة بالنفقات العامة للدولة إلى أن تقوم بزيادة الإنتاجية وبالتالى زيادة إيراداتها حتى تخرج من تلك الأزمة، ولقد اتبعت العديد من الدول سياسة التقشف، ومن أبرزهم إسبانيا وفرنسا وبريطانيا والمغرب والجزائر والسودان واليونان.
اتخذت الحكومة اليونانية حزمة إجراءات تقشفية فى 9 فبراير 2010 من لمواجهة عجز الميزانية، منها خفض إجمالى النفقات العامة على الأجور والرواتب بنسب تتراوح من 1% إلى 5.5% عبر تجميد رواتب الموظفين الحكوميين وتقليص مكافآت العمل الإضافى وبدلات السفر، ورفع الضرائب على القيمة المضافة وعلى السيارات المستوردة وعلى المحروقات.
ما هى الإجراءات التى اتخذتها الدولة لتبدأ سياسة التقشف؟
أيضا السعودية وتونس أعلنت البدء فى اتخاذ إجراءات تقشفية حيث أعلنت المملكة العربية السعودية خفض مرتبات الوزراء بنسبة 20%، ووضع حد أقصى على العطلات والخدمات الأخرى للموظفين، بالإضافة إلى تخفيض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (160 شخصا) والإعانات المخصصة لهم لأغراض السكن.
أما رئيس الحكومة التونسى يوسف الشاهد فقرر خفض رواتب كل وزرائه بنسبة 30% فى خطوة رمزية تهدف إلى تقليص الإنفاق العام فى وقت تمر فيه البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، وقال بيان الحكومة إنه تم خفض رواتب 40 وزيرا وكاتب دولة بحوالى 500 دولار شهريا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة