وائل السمرى

هل أسهمت حرية الإعلام فى تجهيل الشعب؟

السبت، 22 أكتوبر 2016 03:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يعنى مفهوم «حرية الإعلام» كسر التابوهات السياسية والدينية والجسدية فحسب، بل من أهم أساسياته أن يتم كسر احتكار الدولة لوسائل الإعلام، إدارة وامتلاكا وتوجيها، وقد بدأت مصر هذا العصر منذ التسعينيات، وأصبح من حق أى رجل أعمال أن يمتلك قناة فضائية، يسيرها على هواه، ويبث فيها ما يراه مفيدا للبث، وكلمة «مفيدا» هنا لا تخص المشاهد أو المتابع فحسب، وإنما تخصه هو فى المقام الأول، «مفيدا» بالنسبة لجاذبية المشاهدة، ومفيدا بالنسبة للمعلن الذى يمول القناة بطريقة غير مباشرة، ويوجهها إلى ما يريد عن طريق اختيار دعم برنامج معين، أو قناة معينة بوضع إعلاناته فيها، وهنا صارت اليد العليا للسوق الذى يملى شروطه على الجميع، ومادام الأمر صار رهنًا بيد السوق، فطبيعى أن يستهدف رجل الأعمال أكبر عدد ممكن من الجمهور، وأكبر شرائح المشاهدة، ولذلك كانت لمواد «التسالى» النسبة الأكبر بخريطة المواد المعروضة، ولأننا نفتقد لمبادئ العمل المؤسسى صارت السطحية سمة أساسية فى مواد «التسالى»، فالأفلام «سطحية» والبرامج «سطحية» والأفكار «سطحية» وبالتوازى مع إنشاء القنوات الفضائية التى تتعمد إخفاء البرامج الثقافية بكل جهد، شهدنا غيابا تاما لسطوة التليفزيون الحكومى، الذى دفعه الفساد إلى الهاوية، فغرقنا جميعا فى قاع القاع.
 
هنا يجب أن نعقد مقارنة بسيطة بين الإعلام وقت أن كانت تتحكم فيه الدولة، والإعلام الآن الذى يسهم فى تجهيل الشعب وتسطيحه، ومن لا يصدقنى فليحاول أن يلقى نظرة على قناة «ماسبيرو زمان» التى تذيع الآن برامجا نرى فيها أمل دنقل وصلاح عبد الصبور وفاروق شوشة وعبد الرحيم منصور، وغيرهم من أعلام الأدب والشعر والفن، فقد كان التليفزيون قديما يعتمد على رجال الفكر والثقافة والفن بشكل كبير، وكان منصة لإطلاق الأفكار ومناقشة الاتجاهات الأدبية والفكرية بالشكل الذى يضعنا فى بؤرة العالم لا فى هامشه، كما كان منصة للأفكار الدينية المستنيرة بشكلها المصرى المحبب لا بشكلها المتطرق الذى أذاقنا الويلات، الجميع يرى نفس البرامج، والجميع يتشرب ذات الأفكار، ولهذا كانت هناك وحدة فى الأفكار وانسجام فى الوجدان، الجميع يقدر الشعر والأدب والفن حتى لو لم يحِط بعالمه ويستوعب دقائقه، أما الآن....أكمل أنت.
 
أنت لا يعجبك ما وصل إليه حالنا الآن، وأنا كذلك، وأعتقد أنه من حقنا الآن أن نسأل هذا السؤال على نطاق أوسع، وأعتقد أيضا أن التفكير فى الخروج من هذه الأزمة أمر واجب على الجميع.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة