خلاف آراء سيد القمنى الجريئة التى دائما ما تتعرض للهجوم الشديد من بعض الحركات الإسلامية والسلفية، التى وصلت لحد إهدار دمه، فى حال عدم تراجعه عن كتاباته، بجانب قرارات من الأزهر بمنع ومصادرة عدد من أعماله، مثل كتاب "رب الزمان"، والأديان الأخرى مثل المسيحية لم تسلم من آرائه التى تنتقد بعض النصوص الدينية بالكتاب المقدس. وبخلاف رأيه الأخير الذى هاجم فيه "العهد القديم".. وشكك فى وطنية الأقباط، كانت له آراء أخرى أكثر جدلا، ويتبين ذلك فى قراءة لكتابة "الأسطورة والتراث".
سيد القمنى يصف أحد الأسفار المقدسة بالكتاب المقدس بأنه سفر جنسى إغرائى! (ص 78 الأسطورة والتراث)
فى الوقت الذى يقول فيه البابا شنودة فى تأملاته على سفر نشيد الإنشاد "الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون فى قراءته إلى مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامى إلى معان عالمية"، يأتى القمنى لكى يصف الكتاب بأنه جنسى، فيقول "كما أن سفر نشيد الإنشاد المنسوب للنبى (سليمان) لا يتسم بأية صفة دينية، ولا يمت للمعتقدات العبرية بصلة، كما لا تنسجم محتوياته أصلا مع طبيعة الكتاب المقدس، فهو أناشيد غزلية مكشوفة تماما تنضح بالتعابير الجنسية تدور كحوار بين عشيق وعشيقته، يصف فيها العاشق مفاتن عشيقته واقتدارها الجنسى، وهو بالمقارنة مع طقس عشتار (الزهرة الرافدية) المسمى بـ(الزواج المقدس) بين الكاهنة الكبرى للبغايا المقدسات وبين الملك الذى كان يعد كبيراً للكهنة فى نفس الوقت، لتحريض القوى الإخصائية على العطاء، نجد نشيد الإنشاد يكاد يكون نسخة منقولة.
يفتأت على العقيدة المسيحية بأن مريم تُعتَبر إلهة! (ص 179 الأسطورة والتراث)
يقول القمنى: أكد (ديورانت) أن العهر المقدس ونظام المنذورات كان طقساً يمارس فى هيكل بنى إسرائيل وكان ضمن المنذورات تلك الفتاة اليهودية التى أخذت فى المسيحية بعد ذلك دور الأم وعرفت باسم الإلهة مريم فى الديانة المسيحية، والتى أنجبت الإله الابن (يسوع) المسيح.
أيضاً (ص 119 الأسطورة والتراث): مع ملاحظة أن استمرار الوجود الأنثوى فى العبادة مستمر حتى الآن فى العقيدة المسيحية التى تعتبر مريم أم الإله المسيح من أبيه السماوى وهذه الأم إلهة تستوجب الاحتفال والعبادة. وهى الصفة التى حملتها الإلهة (مريم فى العقيدة المسيحية) رغم إنجابها للمسيح وإخوته (ص 121 الأسطورة والتراث). ويقرر أن الكتاب المقدس فيه أمور غير منطقية وأن مؤلفه هو الشعب العبرانى!
ورغم أن هناك أمورا غير منطقية بالكتاب المذكور (يقصد الكتاب المقدس) (ص 122 الأسطورة والتراث)، بل يقول إن قصة شرب نوح للخمر وتعريه قصة توراتية ملغومة فى ص 221، ويؤكد أن الكتاب المقدس ليس من إملاء الله بل مؤلف من قبل الشعب: فلا ريب أن فى الظروف الموضوعية التى أحاطت بالشعب العبرى -وهو شعب رعوي- صاحب ومؤلف الكتاب المقدس (ص 122 الأسطورة والتراث).
حشو الكتاب بالأساطير القديمة المصرية والسومرية:
ومن ثم قام (برستد) بعقد مقارنات عديدة ومهمة، بين ما عثر عليه من نصوص مصرية، وبين النصوص التوراتية، كان من أهم نتائجها: أن حكمة الملك المصرى الإهناسى المعروفة بـ"نصائح إلى مرى كا رع Mare Ka Ra" قد وجدت طريقها إلى سفر (صموئيل) وسفر الأمثال، كما أثر تصور المصريين لمفهوم العدالة تأثيراً لا يقبل شكاً فى سفر (ملاخي) وهو يقول: "إليكم يا من تخافون اسمى، تشرق شمس العدالة بالشفاء فى أجنحتها - ملاخى ص4"، ويعقب بأن العدالة فى المفهوم المصرى مثلتها الإلهة "ماعت" بنت "رع" الشمس، وإن شمس العدالة وصفتها التوراة بأن لها أجنحة، ولم يوجد فى أى تصور عبرى صورة لإلههم يهوه تمثله بأجنحة، ولم يوجد ذلك إلا فى النقوش المصرية وحدها. ثم يؤكد أن اليهود -لاشك- كانوا على علم بأنشودة إخناتون العظيمة لإله الشمس، بعد أن قارنها بسفر المزامير، وكذلك كانوا على علم بحكم الحكيم المصرى (آمن موبيAmen Mu Be).
القمنى يصف العهد القديم بالوحشية والبربرية (ص 194 و195 الأسطورة والتراث)
يسجل اليهود فى توراتهم أبشع صور الوحشية، فيأتون على كل ما يقابلهم ذبحاً وتحريقاً، ولم يسلم من أذاهم لا الإنسان ولا الحيوان، ولا حتى نبات الأرض، بعد أن قررته لهم الشريعة الربانية و أباحته بإباحية مطلقة، وأسفر الرب العبرانى آنذاك عن هويته بوضوح، فأعلن أنه من الآن "الرب رجل حرب – خروج 15-3 " وأن رائحة دخان المحروقات أحب المشهيات إلى نفسه الملتاثة "وقود" رائحة سرور للرب، متكررات فى سفر اللاويين، إصحاح 1، 9، 13، 17 إلخ. ولم يكتف بذلك، بل قرر أن يمارس لذة الذبح و الإحراق بنفسه، فترك عرشه السماوى وهبط يتخبط كرهاً و فظاظة ليمارس رغباته: وأجعل مسكنى فى وسطكم، وأكون لكم إلهاً، وأنتم تكونون لى شعباً - لاويين - 16 - 11" وأخذ ينفث أوامره المتكررة:
أحرِقوا جميع مدنهم، بمساكنهم، وجميع حصونهم بالنار. ( عدد - 31 - 10).
اقتُلوا كل ذكر من الأطفال، وكل امرأة (عدد 31-17).
أحرِقُوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار. (تثنية 12 -31).
فضرباً تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرقها بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها، وتحرق بالنار المدينة، وكل أمتعتها، كاملة للرب إلهك. (تثنية 13 - 15-16).
أما شريعة الحرب، وفق الخطة المثلى، التى كتبها رب اليهود بإصبَعهُ على الألواح، التى نفذها (يشوع) خليفة (موسى) على القيادة، بدقة و إخلاص تحسده عليهما الضوارى من كواسر الوحوش، فهى مرصودة فى أوامر الرب وتوجيهاته.
يصف بسخرية مصارعة الرب ليعقوب بأنها تجربة مريرة للإله! (ص 225 و 226 الأسطورة والتراث):
وحتى تثبت التوراة جدارة بنى عابر بالأرض، ورب الأرض، تجعل الإله الكنعانى يمر بتجربة مريرة، يستشعر بعدها مدى حاجته الشديدة للعصابة العبرية، فتروى: فبقى يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب فى مصارعته معه". وبرغم أن "حق فخذ يعقوب" قد انخلع فى الجولة الصراعية، فانه يستمر يضغط على خصمه مما يضطره إلى ترجيه "وقال: أطلقنى، لأنه قد طلع الفجر"، وهنا، وفى هذه اللحظة التاريخية يكتشف يعقوب شخصية خصمه الحقيقية، التى تخشى النور و النهار، ويعرف فيه "إل" إله كنعان، فيرفض يعقوب إطلاقه إلم يباركه، بما تحمل هذه البركات من أعطيات.
وقال: أطلقنى لأنه قد طلع الفجر، فقال: لا أطلقك إن لم تباركنى، فقال له ما اسمك؟ فقال: يعقوب: فقال: لا يدعى اسمك فيما بعد يعقوب، بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت، وسأل يعقوب وقال: اخبرنى عن اسمك، فقال: لماذا تسأل عن اسمي؟ وباركه هناك فدعا يعقوب اسم المكان فينيئيل، قائلا: لأنى نظرت الله وجها لوجه ونجيت نفسى "تكوين - 33 - 24: 30".
ومن هنا تغير اسم (يعقوب) إلى (إسرائيل)، فليصبح أولاده من بعده يحملون اسم "بنى إسرائيل"، والكلمة (إسرائيل) هى فى الأصل العبرى "صرع - إيل"
وتعنى "مصارعة الرب" أو "صارع الرب"، وهكذا أثبت (يعقوب) لرب كنعان قدراته، ومن ثم استحقاق هذا الرب للحماية، وفرض الإتاوة، وسلب الأرض، ونهب العرض، ولا بأس أن تتدخل الشروحات المتفذلكة لتؤكد أن الكلمة (إسرائيل) تعنى أيضاً (جندى الرب)، أى حامى الرب والمدافع عن حياضه وذماره؟!
يتكلم عن سر التناول ويقول إنه غير منطقى! (ص 127 و128 الأسطورة والتراث)
ثم إنه إذا كان أكل الخروف إلى اليوم، هو أكل الإله ذاته -كما هو واضح تماما فى العقيدة المسيحية- فهل التقرب يتم هنا للإله بالإله نفسه؟ أعنى أن الاعتقاد بهبوط الإله المسيح من السماء و موته على الصليب لفداء البشر، و أكل الخروف فى الفصح المسيحى تذكره به، حيث قال المسيح: "من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى و أنا فيه"، هل يعد هذا الاعتقاد تقرباً للإله ذاته؟ إن ذلك يبدو لى غير منطقى بالمرة ولا يمكن أن أتصور الإنسان حتى اليوم يتقرب للإله بالإله ذاته، فينزل من عرشه السماوى ليصلبه على الأرض، ثم يأكله بعد ذلك خروفاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة