كالفئران يخرجون، كالعقارب يلدغون، لا يستحقون إلا السحق، فاقتلوهم حيث وجدتموهم، فلسنا على استعداد مرة أن نفجع فى شهيد من خيرة أبرار مصر مثلما فجعنا فى الشهيد عادل رجائى، ارتقى أمس، شهيدا بعد أن اغتالته يد الوقاحة من أمام بيته، فقد وصلت وقاحتهم إلى اقتحام حرمة البيوت، وإطلاق النار فى الشوارع الآمنة، ووصلت الخسة إلى تعريض حياة المدنيين والنساء والأطفال إلى الخطر، لكن هذا ليس بمستغرب عن من وصفتهم من قبل بأنهم أبناء يهوذا، الكافرون بكل قيمة، والمنزوعون من كل شرف، يعشمون أنفسهم بإضعاف أرواحنا عن طريق بث الكآبة فى نفوسنا، ولا يدرون أننا نستقبل هذه الأفعال القذرة بمزيد من الإصرار على استئصالهم من حياتنا وسد منافذ السم الذى يبثونه فى مجتمعنا.
هم «سم خالص» يسكن فى أرضنا، فقد فشل الأعداء فى احتلال أراضينا، والاستيلاء على مقدراتنا بالمواجهات الاستعمارية والعسكرية، فما كان منهم إلا التخطيط لزرع هذه السموم فى أرضنا، والقتل بالسم طبع الخائنين، فرسول الله، صلى الله عليه وسلم، تعرض للسم فوضعه اليهود له فى الشواء، وعمر بن الخطاب مات بالسم، نقع فيه أبولؤلؤة المجوسى خنجره الذى طعن به الفاروق، ومات الإمام الحسن بن على بن أبى طالب بالسم، بعد أن تجرعه ممزوجا باللبن، ومات عمر بن عبدالعزيز بالسم، بعد أن تجرعه ممزوجا بالمياه، لكن مع هذا كله يجب أن يكون قدر ابتهاجنا أكبر من قدر آلامنا، فخيانة الخائنين لا تدل إلا على ضعف العدو، فلو كان قادرا على المواجهة لم يكن ليلجأ إلى الخيانة، ولو كان قادرا على أن يواجهنا بالسيف لما اضطر إلى خوض حربه معنا بالسم.
ولأنهم ضد الفطرة الإنسانية، فمصيرهم إلى زوال حتى وإن بعد الأجل وطال الأمد، فالحياة هى سنة الحياة، وليس لرسل الموت مكان سوى فى مقبرة العدم، فلم يذكر التاريخ أثرا لأصحاب دعاوى التدمير والتفجير، ولم يحتفل بهم أحد سوى نسلهم الأبتر الذى ينمو فى مستنقعات الكراهية، وفى عفن الليالى السوداء، غرباء عن البشر، طرداء من عالمهم، والغريب أنهم يعرفون ما هم عليه من شذوذ فتراهم منبوذين فى مجتمعاتهم مطرودين من تجمعاتهم، مبعدين من أقربائهم، وإن لم ينهرهم المجتمع ويلفظهم فإنهم يلفظون أنفسهم ولا ينسجمون إلا كما تنسجم الوحوش الضارية فى القفار والصحارى والوديان، لا يخرجون إلا كما تخرج الثعابين، متسللين منزوين مكروهين، لا يستحقون إلا السحق.