يوم تلو الآخر، تتكشف مخططات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان فى المنطقة، واستغلاله الصراعات المختلفة فى دول الجوار، وخارج الحدود التركية، وتوظيفها فى محاولة لإحياء حلم الإمبراطورية العثمانية من جديد.
وفى محاولة لتعافى "رجل أوروبا المريض"، وإعادة فرض وصايته على الأراضى التى فقدتها الدولة العثمانية فى نهاية الحرب العالمية الأولى، بالتوقيع على اتفاقية لوزان عام 1923، طالب "أردوغان" قبل عدة أيام بتعديل تلك الاتفاقية، مستغلاً انشغال الجيوش النظامية فى سوريا والعراق بمحاربة الإرهاب، وما يدور فى العواصم المجاورة من أزمات داخلية.
وأمام محاوف أردوغان من إقامة كيان كردى على الحدود التركية ـ السورية، بدأ السلطان العثمانى البحث فى دفاتره القديمة، لإيجاد ذريعة تمكنه من اجتياح التراب السورى والرعاقى، فلجأ إلى حيلة الحرب على تنظيم داعش، وأطلق ما أسماه بعمليات "درع الفرات"، ليتمكن بعد ذلك من تصفية الأكراد فى معاقلهم داخل سوريا، فضلاً عن الإدعاء بالمشاركة فى معركة تحرير مدينة الموصل العراقية، لتحقيق الغرض نفسه.
وقبل يومين، قال أردوغان فى خطاب بثه التلفيزيون التركى: "من غير الوراد بالنسبة لتركيا أن تبقى خارج عمليات الموصل لاستعادة المدينة من تنظيم داعش.. سنكون موجودين على الطاولة.. أشقاءنا هناك وأقاربنا هناك"، وذلك بالرغم من التقارير الإعلامية التى تحدثت قبل عدة أشهر عن وجود تنسيق بين التنظيم وتركيا، فضلاً عن تمويل النظام التركى لعناصر التنظيم بالمال والسلاح، وتسهيل عبورهم عبر الحدود إلى سوريا والعراق.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست" قد نقلت فى وقت سابق عن قيادى بتنظيم داعش، قوله : "معظم المقاتلين الذين انضموا إلينا فى البداية قَدِموا عن طريق تركيا كذلك الأمر بالنسبة للأسلحة والمعدات وكل ما يلزمنا".. فيما قال كيليجدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهورى التركى المعارض: "تأكد لنا بالأدلة أن تركيا زودت داعش بالسلاح والعتاد عندما قرر التنظيم اقتحام الأراضى العراقية".
وبرغم عدم مشاركتها حتى الآن بشكل فعلى فى معارك تحرير الموصل، فإن الحكومة التركية حذرت فى خامس أيام معركة الموصل من تسليمها إلى مليشيات الحشد الشعبى الشيعية، قائلة إن ذلك سيؤدى إلى حروب طائفية، الأمر الذى ردت عليه المليشيا على لسان القيادى أبو مهدى المهندس، قائلاً: "فى حال عدم ذهابنا ستكون المدينة قاعدة جديدة للقوات التركية المحتلة".
وأمام ما طرحه مراقبون عن اعتزام تركيا إعادة النظر فى الاتفاقية، فإن أردوغان بذلك يسعى إلى ضم الموصل وحلب، وإعادتهما إلى أملاك الدولة العثمانية، لذا تزامنت تصريحات أردوغان فى هذا الشأن مع انطلاق معارك تحرير المدينة العراقية.
ويستغل السلطان العثمانى فى تحركاته المواقف الرمادية للولايات المتحدة حيال الأكراد، ويواصل استهداف معاقل أكراد فى سوريا والعراق، فضلاً عن حملات القمع الواسعة التى يديرها داخل حدوده فى مدينة ديار بكر، تحت شعار قمع محاولات الانقلاب على النظام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة