الحب يقين واعتقاد إيمان وممارسة، ليس محصورا فى ذكر وأنثى تلك نظرة غبية ومضللة، الحب حياة تنغمس فيها بعمق وعشق باعتقاداتك النزيهة وفلسفتك الخاصة. الحب حرية عن أغلال منوعة ومتباينة غير أنها جميعا تتفق على سلب متعتك فى الحياة وانشغالك عن صخب ولغط لا يجدى ولا ينفع بل ينتهك روحك ويستنزف طاقتك ويبدد فرحتك ومتعتك ويبعثرها. وأخطر تلك الأغلال والقيود هى تلك المعتقدات الجامدة التى يمررها الآخرون لك غصبا وإكراها محاولين فرض رؤيتهم عليك وتحجيمك وفق مقاساتهم الفكرية العوراء.
حين أهدتنى صديقتى قلادة فضية منقوش عليها اسمى بالحروف الهيروغليفية طرت فرحا وصارت قلادتها عندى أثمن من أى قطعة ذهبية أمتلكها أو من تلك التى تزين فى نوافذ العرض المغرية. نعم قلادتى الفضية تلك أثمن وأغلى لأنها اختيرت بحب وبفلسفة صديقتى الخاصة فنقوشها شيء يجمع بيننا ويشبهنا نحن فتيات من طراز مختلف وفريد.
أذكر أن أحدهم قال لى يوما أن رموز الهيروغليفية ونقوشها تلك رموز الوثنين الكفار ! واعرف أن كثيرين يعتقدون نفس ذلك الاعتقاد الذى كنت أضحك عليه وأهزأ منه وأنا أرتدى تلك القلادة فى شوارع مكة وأماكنها المقدسة وأتساءل أيعنى اسمى الهيروغليفى على تلك القلادة من الفضة أننى أشرك بالله أو أكفر به ؟ أيا كان اعتقاد هؤلاء فيكفينى يقينى بأنى كنت ولازلت أسعد كلما ارتديت قلادة صديقتى الأثيرة لأنى أحملها فى أقرب مكان إلى قلبى ودقاته مثلما احمل صاحبة القلادة بداخله.
صديقتى الأخرى كتبت يوما على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعى تبث نفورها من أولئك الذين ينكرون عليها استمتاعها بالحياة دون ظل رجل !! فكتبت تقول: "الحياة ليست رجل.. ارحمونا يرحمكم الله" وتخاطب أولئك الذين يستحثونها لتتزوج بسرعة لأن" العمر بيجري" فتقول: "عمرى لا يعنى أننى سأتزوج أيا من كان فقط ليكون تحت سقفى رجل، لازال فى رأسى عقل ولقلبى ميول لن أتجاوزه إرضاء لأى من كان...فانا لن أتزوج سد خانة مثلما تفعل بعضهن.. أنا لا يغرينى أشباه الرجال..أنا فتاة غير متزوجة لكنى سعيدة راضية إيجابية أعيش حياة مفعمة بالعلاقات الاجتماعية والمهنيّة، ناجحة فى حياتي، أبتسم وأقرأ وأكتب وأسمع موسيقى عمر خيرت وأطهو على صوت فيروز، وأسافر وأملأ الدنيا صخبا وألوانا ومحبة.. لماذا تعتقدون أن الفتاة الغير متزوجة دائما تعيسة وحيدة ؟ أنا أؤمن أن الإنسان يستطيع أن يكون سعيدا دون زواج لأنه وببساطة لا يعقل أن يخلق الله أناسا ويرزقهم "نصف سعادة" فقط لأنهم لم يجدوا شريك حياتهم ! إن الله أعدل من أن يجعل فتاة تعيش طوال حياتها نصف حياة ونصف سعادة ".
انتهى كلام صديقتى لكن لم ينته تأثيره على ورحت أتعجب من أولئك الذين يستميتون فى قولبة الآخرين حسب فكرهم وتحجيمهم داخل دائرتهم الضيقة المعتمة لكنى أدركت أن هؤلاء يجهلون متعة الحياة وصنوفها المختلفة وما بها من شغف وسعادة مختلفة الألوان والصنوف فحصروها فى شكل ونمط واحد أن تكون سعيدا.. طبيعيا.. مؤمنا.. أن يكون تحت سقفك زوج !
مساكين أولئك الذين يختزلون الحياة فى ظل رجل، ويتخذون من الدين هرّاوة يرهبون بها الذين يغرقون فى المتعة والبساطة وحب الحياة بسلاسة ودون تعقيد لأنها عطية الله وهبته غافلين عن حقيقة بديهية وهى "أن تحيى بحب وشغف وتصالح مع النفس فذلك غاية الإيمان وذروته ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة