يحكى بعض من كانوا نزلاء السجون فى فترات سابقة، أنهم كانوا يقومون بحفر آبار فى الصحراء ثم ردمها مرة ثانية، بلا طائل منها سوى إنهاك قواهم، وأنهم كانوا يقطعون الأحجار ويتركونها مكانها لا يستفيدون منها، وذلك لأن فلسفة السجون فى ذلك الوقت كانت هى إخراج الطاقة الإنسانية للفراغ دون استفادة منها.
وتغير الأمر بعض الشىء، كما نقرأ ونسمع، ومن الحسنات التى تفعلها وزارة الثقافة متمثلة فى الهيئة العامة لقصور الثقافة تنظيم بعض الفعاليات الفنية داخل السجون، وإن كان الأمر على فترات متباعدة لكنه خطوة جيدة ومهمة بل نقول وضرورية، وتترك أثرا طيبا لدى الجميع.
حدث فى كثير من بلاد العالم أن تطورت كثيرا معاملة السجناء ودخلت فى إطار الإنتاج، مثلما نسمع عن الصين، حيث إن كثيرا من الأشياء اليدوية التى تأتى إلينا هى من صنع مساجينها، حسبما يقال، كما أن كثيرا من الأفلام الغربية تشير إلى ذلك نوعا ما.
جانب آخر مهم فى هذا الموضوع هو أن الكتاب أصبح جزءا أساسيا فى إعادة تأهيل المساجين، وأصبحت وجود المكتبات المزودة بأحدث الإصدارات أمرا طبيعيا، كذلك تشجيع الكتابة وإقامة المسابقات الثقافية.
لذا أعجبنى أنه فى مصر، وفى أكثر من مناسبة، نظمت قصور الثقافة فعاليات ثقافية كان آخرها ما حدث أمس الأول فى سجنى الوادى الجديد وليمان طرة، لكن يجب أن يتم إدخال بعض التحسينات على هذا الفعاليات، وأن نعرف كيف تتم أصلا، وهل يوجد مسرح فى السجن، وهل يشارك المساجين فى هذه الفعاليات أم يقومون فقط بدور المتفرج؟
إن البحث عن رؤية مستقبلية متكاملة للمجتمع تكون بالاهتمام بجميع فئاته وطوائفه وأولهم الذين يقضون فترات عقاب بهدف الإصلاح والتهذيب، شريطة أن يتم ذلك عن طريق الإيمان بدور الجميع وليس من أجل الشو الإعلامى، أو لأن منظمات حقوق الإنسان طلبت ذلك فنقوم به بشكل ما حتى يُكتب فى الدفاتر أن فعاليات أقيمت واحتفالات أجريت.
بجانب الفعاليات يجب على الدولة أن تنظم مسابقات ثقافية داخل السجون ويمكن لها بكل سهولة أن تشمل حفظ القرآن الكريم والغناء والكتابة والحرف اليدوية وأن يكون ذلك بشكل دائم وأن يقام ما يشبه دورى المسابقات بين النزلاء ثم بين السجون المختلفة، وأن تكون هناك جوائز لهذه المسابقات منها نشر الأعمال الفائزة سواء قصة أو رواية أو قصيدة أو لوحة فنية.
بمثل هذه الأشياء تتخلص المجتمعات من التطرف الذى يكمن فى الأماكن الانعزالية ثم ينتشر ليدمر الجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة