هى قضية القضايا وأصل الموضوع والشغل الشاغل لكل من يتعرض للمستقبل والحاضر. التعليم، وهل أزمة التعليم فى الإمكانات المادية أم أنها أيضا فى تفاصيل أخرى تلعب دورا مهما فى العملية التعليمية؟ إذا نظرنا لموازنة التعليم وحدها، ضمن الموازنة العامة، تبدو قليلة، لكن بجوار المليارات المخصصة للتعليم، هناك إنفاق إضافى على الدروس الخصوصية والأنواع المختلفة من التعليم، فإذا أضفنا حوالى 20 مليارا من الدروس الخصوصية إلى ما ننفقه على التعليم مباشرة، نكتشف أن هناك سوء توزيع للموازنة، ونفس الأمر فيما يتعلق بتعدد أنواع التعليم، اللغات والأجنبى والخاص والمشترك.
لقد تناول الرئيس قضية التعليم فى مداخلته بمؤتمر الشباب، وأشار إلى مدى الاستعداد لتوجيه الموازنة أو جزء ضخم منها لبناء المدارس، وأننا بحاجة إلى مليون فصل، لكن أهم ما أشار إليه، هو أهمية وجود حوار مجتمعى ومؤتمر.
يمكن لهذا المؤتمر أن يجمع خبراء ومختصين وعلماء يقدمون ما هو أكثر من تشخيص، توصيات وأفكار، مع الأخذ فى الاعتبار أن الأفكار هى أساس أى انطلاق.
ولا ننسى أن التعليم فى مصر بدأ بمبادرات أهلية، بدءا من الكتاتيب وصولا لجامعة القاهرة، ومن المؤكد أن هناك إمكانية لأن يشارك المجتمع من خلال مبادرات وأفكار بنصيب فى اكتشاف حلول للتعليم وغيره، وهو أمر يتعلق بمدى القدرة على دعم المبادرات الأهلية، التى تظهر متفرقة، وأن يتجاوز المجتمع المدنى الأفكار الضيقة، التى حبس نفسه فيها وتركزت عائداته فى جيوب أشخاص.
ثم إننا بالفعل فى عصر المعلومات، وهناك إمكانيات تقنية وعلمية كبيرة، يمكنها تعويض نقص الفصول أو نقص الإمكانات، مع الأخذ فى الاعتبار أنه وفى ظل نقص الإمكانات، يمكن لشباب ومتعلمين أن يحصلوا على دراسات متقدمة بالبعثات والمراسلة والفضاء الإلكترونى، مع الأخذ فى الاعتبار أن التعليم ليس جامعيا فقط، بل هو يبدأ من المرحلة الأساسية، ناهيك عن التعليم الفنى، الذى تدهور فى عصر يشكل فيه الفنيون أساس التقدم.
بالطبع.. التعليم أهم المشروعات القومية، ومع الأهمية البالغة للمال والإمكانات المادية فى التعليم، فإن الأفكار والمبادرات الفردية والجماعية يمكن أن تعالج نقص الإمكانات، وفى نفس الوقت يمكن للأفكار أن تحل أزمة الإنفاق المزدوج والإهدار والتسريب.