لاشك أن البعض منّا يفتقر وبشكل لافت للنظر إلى الموضوعية فى إطلاق الأحكام والوصول للنتائج. والموضوعية فى أبسط مفهوم لها هى الرغبة الملحة فى استجلاء الحقيقة بحيادية وتجرد وبلا تحيز أو تعصب مع تجنيب الدوافع العاطفية أو أى اعتبارات أخرى من شأنها إخفاء الحقيقة أو التأثير فى ظهورها، والقليل يتخذونها منهجاً للوصول إلى الحقيقة.
فإذا أردنا مثلاً أن نُقيم الوضع الراهن فى الواقع المصرى وما يفرضه من تحديات وأمور معقدة سواء فى الداخل أو الخارج فى ظل حكم الرئيس السيسى علينا أن نتذكر حجم التركة الثقيلة التى ورثها هذا الرجل من حكام سابقين وكيف تغلب على حجم ضخم من التحديات والمشكلات، هذا بالتوازى مع تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية الخدمية والتى تضمن حقوق الأجيال القادمة وتُعظم موارد الدولة مع العمل على حُسن استغلالها، وتُحول الدولة المصرية من دولة مستوردة إلى دولة منتجة، مع الأخذ فى الاعتبار أنها تنفذ فى وقت قصير جداً جداً فيعود النفع منها على الدولة سريعاً مما يوفر رصيدا ضخما من المليارات.
وأعرض لكم جزء قليل من الإرث الثقيل الذى ورثته الدولة المصرية فى عهد السيسى من حكام سابقين لكى تكون الرؤية واضحة لكم:
(التردّى الاقتصادى والظلم الاجتماعى وغياب العدالة وانتشار المرض والفقر والجهل والبطالة والعشوائيات وتهالك البنية التحتية للدولة المصرية وتعاظم الديون وعجز الموازنة العامة وزيادة الواردات على حساب الصادرات والاستيلاء على أراضى الدولة والتجاهل المتعمد لتنمية سيناء وتجريف الرقعة الزراعية وانتشار الأمراض الخبيثة بصورة مفزعة وتوغل الفساد فى كل مؤسسات الدولة غير الافتقار إلى التنمية وعدم تعظيم موارد الدولة ) أضف إلى ذلك فى فترة حكم الإخوان تحديات وتهديدات أشد وطأة والتى بات من الضرورى العمل الجاد والسريع لتجاوزها (الحرب الشرسة على الإرهاب القاتل ومنعه من الوصول إلى العاصمة وباقى المحافظات - استكمال بناء مؤسسات الدولة - استعادة هيبة الدولة لمؤسساتها بعد محاولات لتدميرها وإسقاطها - استعادة الأمن فى المحافظات بعد انتشار أعمال التفجيرات - جذب الاستثمارات - استعادة الدور الإقليمى والمحورى للدولة المصرية فى الشرق الأوسط وأفريقيا.
نعم. لا نُنكر وجود بعض الإخفاقات للحكومة أو الدولة فى معالجة عدد من القضايا العاجلة، أهمها على الإطلاق أزمات انخفاض قيمة الجنيه المصرى، وارتفاع الأسعار، وأزمة الاحتكار لبعض السلع الهامة، وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لتنمية مرفق السياحة ومنظومتى التعليم والصحة وغيرها، ولكن ليس من الأمانة والعدل أن تُنكر نجاح الدولة فى أمور كنا نظنها من المستحيل أن تُحل، على الأقل فى فترة زمنية قصيرة، أبرزها إصلاح منظومة الكهرباء والقضاء على الانقطاعات المستمرة فى الكهرباء، وإصلاح منظومة الخبز والتموين وتوفير أسطوانة البوتاجاز، والنظر فى منظومة الدعم والعمل على إيصاله لمستحقيه فقط وتجنيب كل من لا يستحق من الحصول عليه مما يعود بالزيادة على مستحقيه فقط، وعلاج 800 ألف مصرى من فيروس "سى" حتى الآن من خلال توفير الدواء لهم بسعر فى متناول الجميع بالمقارنة بالأسعار العالمية، والرؤية الجادة والسريعة فى القضاء على العشوائيات وتطويرها.
هذا بالإضافة إلى:
تنفيذ مشروعات اقتصادية قومية كحفر قناة السويس الجديدة والأنفاق لربط الشرق بالغرب، تنمية سيناء الغالية، بناء عاصمة إدارية جديدة هتدخل استثمارات للبلد بالمليارات، استقدام أكبر شركات فى العالم للبحث والتنقيب عن البترول والغاز، تنفيذ أضخم شبكة طرق فى سنتين فقط، زراعة مليون ونصف فدان، استكمال تنفيذ مدينة الأثاث بدمياط، العمل على تنفيذ أضخم مشروع استزراع سمكى فى العالم، بالإضافة إلى مشروعات تطوير مرفق السكة الحديد المتهالك عبر عصور سابقة تتضمن (مشروع تطوير 295 مزلقاناً و92 محطة للسكة الحديد ومشروعات متعددة لصيانة الجرارات)، وحتى على مستوى العلاقات الخارجية استطاع السيسى أن يُنهى مفهوم التبعية فى علاقات مصر الخارجية، والتى أصبحت ترتكز فقط على الندية والالتزام والاحترام المتبادل مع دول العالم.
أليست كل هذه القضايا متعلقة مباشرة بالمواطن المصرى البسيط ؟ أليس علاجها وبالسرعة اللافتة للنظر أمور تُحسب للنظام؟ أليس دخول الدولة فى نطاق اقتصاد المشروعات العملاقة بشارة خير للنهوض والتقدم؟ أليست السرعة الصاروخية فى تنفيذ مشروعات عملاقة أمر مُثير ويستحق الفخر؟ هذا الجانب المشرق أرجو ألاّ ينكره عاقل، وألاّ يخفيه متعصب أو معارض.
وهل معنى عدم السداد فى حل قضية من القضايا الراهنة فشل النظام أو المطالبة برحيله؟ هل ستنكر أيضاً أيها المعارض رصيد ضخم من الإنجازات؟ نعم !!! من حقك أن تعارض وتنتقد أوضاع كنت تأمل أن تقدم لها الدولة حلول أكثر فاعلية ولكن لا تنكر أيضاً نجاح الدولة فى تقديم حلول حيوية لقضايا أخرى عديدة وفى فترة وجيزة!! فليس هناك فى العالم كله نظام لا يخطئ، ولكن قبل أن تحكم بالفشل على النظام بأكمله، اعرض تجارب صوابه وتجارب خطأه ووازن بين ذاك وذاك. وليس من حقك كمعارض على الإطلاق أن تنتقد أو تسفه من رأى آخرين مؤيدين لإنجازات نظام أنت تراه فاشل.
وليس من حقك أيضاً أن تطلق عليهم لقب ((سيساويه)) !!! ما هذا التصنيف المتحيز المتعصب العنصري؟ وكأن من يؤيد إنجازات أو يتفاءل بإتمام مشروعات أو يرى الخير فى منهج الدولة القائم على السرعة فى تنفيذ محاور التنمية أو يشعر بأن مصر تقوم وتنهض، هو وفقاً لتصنيفك الظالم أنت، بينه وبين النظام مصالح شخصية يُهلل ويُمجد بلا عقل أو منطق !!!
وإذا أمعنا النظر إلى عدد من الأزمات التى تواجه الدولة المصرية لوجدنا أن جزءا كبيرا من الأزمات التى نتعرض لها فى واقعنا سببها الأصيل هو نحن ! نعم سببها المصريين أنفسهم، بدءاً من التجار الذين يتاجروا فى أقوات الناس باحتكارهم لسلع مثل الزيت والسكر والأرز لبيعها فى السوق السوداء بأسعار أعلى، مروراً بحركة التجار المضاربين والجشعين على العملات فى السوق السوداء والذين أحدثوا إرباك شديد فى سوق العملة المصرية، أو من يقدمون للناس لحوم الحمير، أو من يدفعون الرشاوى للمنتفعين والمتنطعين لتسهيل أمورهم، أو من يتسترون على فساد أو تعدى على المال العام إن كانوا يملكون الدليل، أو الذين يتلاعبون ويتاجرون بصحة الناس بنشرهم الأغذية الفاسدة، أو الذين يرمون مخلفاتهم فى الشوارع والممرات، أو حتى الذى ينشر الإشاعات على مواقع التواصل الاجتماعى بدون وعى أو فهم مما يفجر الأزمات، وذاك غير الإرهابيين المجردين من أى وطنية أو قل حتى أبسط معانى الإنسانية الذين يفجرون خطوط الغاز أو أبراج الكهرباء لتدمير البنية التحتية للدولة المصرية. وبالطبع لا أُنكر قصور بعض جهات الدولة فى ضبط الأسواق وحمايتنا من الجشع والاحتكار.
فلن تُبنى هذه الدولة ولن تحيا إلا بسواعد بنيها... إلا بجهد.. وإخلاص.. وأمانة.. وشرف.. ووفاء.. مواطنيها، قبل أن ندّعى الوطنية يجب أن نمارسها حقيقة وليس ادّعاء، قبل أن نُطالب الدولة والحكومة بتنفيذ تعهداتها نحونا يجب أن نسعى فى كشف الفساد وأن نصلح من أنفسنا، فلا وسيلة لبلوغ الهدف إلا بتعزيز منظومة الأخلاق ولن يتأتى ذلك إلا بإصلاح ومراجعة كل منّا لنفسه. كونوا إيجابيين فاعلين لنصرة هذا البلد الأمين، فى مجتمع يعج بالزيف والجشع واستغلال حوائج الناس، لا تقبل التعامل مع الخسيس أو الوضيع، ممن يتلاعبون بنا من التجار الجشعين، لا ترضى بالفساد أياً ما كان وتصده وترفضه، لا تقف مكتوف الأيدى- سلبى- مشاهد فقط.
اللهم احفظ هذا البلد شعباً وجيشاً وأرضاً....
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة