تأملها فتنة أدمنها، والعيش فيها أمنية أحلم بها، لذا كان صعبا على أن أراها هكذا، أبواب فنادقها مغلقة، محلاتها موصدة، يسكنها الصمت، ويضجر منها الهدوء، وجوه قانطيها عابسة، وأسئلتهم حائرة، أجبرهم ضيق الحال على الترحم على أيام «أبو علاء» وأجبرهم «وقف الحال» على التفكير فى الرحيل عن مدينة السلام، يسألك الواحد منهم «وهى دى شرم الشيخ؟» فلا تسعفنى حتى «مصمصة الشفايف» لأرد بها بعد أن رأيت مدينة البهاء والغواية وهى تصارع الموات.
وعلى هذا فبرغم ما رأيته من معاناة أهل شرم الشيخ بعد هروب السائحين وعزوف الزائرين، فقد رأيت أثناء إقامتى بها لحضور فعاليات المؤتمر الوطنى للشباب فى شرم الشيخ كيف حافظت تلك المدينة العفية على بهائها، رأيت كيف يهتم أهلها بها، كيف يؤدى العمال فى المطاعم والشوارع أعمالهم على أكمل وجه، رأيت كيف يجتهدون فى الحفاظ عليها نظيفة وحضارية، يحترمون الطريق وقواعد السير فيه، يحافظون على ابتسامتهم فى وجه الزائرين، برغم أن العين العابرة تستطيع أن ترى تحت هذه الابتسامة حزنا عميقا، رأيت كيف يسألون آملين: هل سيسهم هذا المؤتمر فى تحسين الأوضاع فأرد: الله كريم.
لا أستهدف من قول هذا الكلام أن أستدر عطفا على تلك المدينة العظيمة وأهلها، فهى أجمل من أن تصبح هدفا لاستعطاف، لكنى فحسب أريد من الجميع الإسهام فى مساعدة هذه المدينة البهية فى الوقوف على أقدامها مرة أخرى، أريد من الحكومة أن تسهم بشكل فعال فى تحويلها إلى قبلة حية لوجه مصر الحضارى، أن تضعها نصب أعينها لوضعها فى جميع الأحداث العالمية الكبرى، وأن تسهم بالأنشطة الثقافية والفنية فى جذب الاضواء إليها، أريد من صناع الأفلام والمسلسلات أن يتوجهوا إليها بفنهم وإبداعهم لإبراز محاسن هذه المدينة الرائعة فى أعمالهم الفنية، أريد من وزارة الآثار أن تدشن معرضا مبهرا لآثار مصر فيها، ومن وزارة الآثار أن تقيم فيها نشاطا فنيا تشكيليا «سمبوزيوم تصوير أو نحت» يجتذب فنانى العالم ليعيشوا فى المدينة بعض الوقت ويدخلوها فى أعمالهم الفنية، أريد من وزارة التعليم أن تضعها فى خارطة الرحلات المدرسية، وأن نسعى إلى جلب صناع الأفلام فى العالم إلى تصوير أحداث أفلامهم بها حتى تصبح شرم الشيخ نقشا فى وجدان العالم، أريد من الفنانين أن يأتوا إليها وأن يلتقطوا الصور التذكارية فيها لينشروها على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعى، باختصار أريد أن يتكاتف الجميع من أجل إنعاشها حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.