كرم جبر

العرب وأمريكا والثور الأبيض

الإثنين، 03 أكتوبر 2016 10:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاش ثلاثة ثيران، أبيض وأحمر وأسود، فى مرج واسع، يرعون ويأكلون بأمان، وكان يجاورهم أسد يطمع فى أكلهم، ولكنه لم يكن قادرا خشية أن تجتمع عليه فتفتك به، وقرر أن يعمل الحيلة، فاقترب من الأسود، ونصحه بالتخلص من رفيقه الأبيض، لأن لونه مبهر وإن جاء صياد فلن يلبث أن يهتدى إليكم، ولو تخلصتم منه لأخذتم نصيبه أنت وأخوك الأحمر.. ترك الأسود المكان، فانفرد الأسد بالثور الأبيض وفتك به.. ثم أقبل الأسد مرة أخرى ونصح الأسود بأن المرعى لواحد خير منه لاثنين، وتمكن الأسد من النيل من الثور الأحمر.. وعاد الأسد بعد أيام وفى عينيه نظرة فهمها الثور الأسود جيدا، وصاح «لقد أُكلتُ يوم أُكل الثورالأبيض».
 
وأمام العرب فرصة قد تكون الأخيرة، ليفلتوا من مصير الثور الأبيض، إذا واجهوا سياسة الغابة الأمريكية، بأسلحة قانونية ودبلوماسية وشعبية، قوامها الوعى ورأب الصدع ونبذ الفرقة.
 
العرب لهم منظمة اسمها جامعة الدول العربية، صحيح أنها مقيدة بإرادة الحكومات، ولكن فى وسعها أن تتجاوز فشلها، وتفتح قنوات اتصال مع المنظمات الإقليمية والدولية المماثلة، للتحذير مع مخاطر تجريب سياسات أمريكية جديدة فى منطقة الشرق الأوسط، بعد الفوضى الخلاقة التى دمرت دولا وشعوبا، بوشايات ظالمة اعترف مرتكبوها بعد فوات الأوان بخطئهم، واعتذروا عنها وقت لا ينفع اعتذار.
 
وتحت مظلة الجامعة العربية، يجب أن يكون هناك دور لوزراء العدل العرب واتحاد المحامين العرب، بإعداد دراسات قانونية متعمقة، تفضح عنصرية قانون جاستا، لأن نفس المعيار لو طُبق على الولايات المتحدة، فى الجرائم التى ارتكبتها فى مختلف مناطق العالم، فسوف يكون بداية لحرب عالمية جديدة، أسلحتها قضايا التعويضات، فمن حق اليابان أن تحصل على تعويضات لأسر ضحايا نجازاكى وهيروشيما، ومن حق العراق وأفغانستان أن تعوضهما أمريكا عن الدمار الذى ألحقته بهما وشعبيهما، ولأمريكا فى كل منطقة فى العالم جراح لم تندمل.
 
الخطأ هو أن يظن البعض أن أمريكا لن تتخلى عن صداقتها لدول الخليج، فهذا بالضبط ما فعله الثور الأسود والأحمر، فالمنطقة الآن تعيش مرحلة مخاض، وتتبدل سياسات وتتغير حسابات، وتتصارع دول طامعة، فى صدارتها إيران، للجلوس على عجلة القيادة، فهل يلحق العرب بعربة القطار الأخيرة؟






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة