لأول مرة يرفض مجلس الشيوخ الأمريكى الذى تسيطر عليه الأغلبية من الحزب الديمقراطى حق الفيتو الذى قام به الرئيس الأمريكى، المنتهية ولايته باراك أوباما لمنع إصدار قانون جاستا الأمريكى - قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب - الذى يعطى الحق ويسمح لأسر ضحايا حادث الـ11 من سبتمبر لعام 2001 بمقاضاة المملكة العربية السعودية والحكومات المتهمة فى الحادث.
الرفض يثير العديد من التساؤلات وتعكس تعقيدات واشتباكات السياسة الأمريكية داخليًا وخارجيًا.. البعض يفسر الرفض من المجلس «الديمقراطى» إلى التوقعات بفشل المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون فى الفوز فى الانتخابات الرئاسية فى نوفمبر المقبل وفوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب، وبالتالى توريط ترامب مع السعودية ودول المنطقة فى بداية ولايته.
الأمر الآخر هو أن الرفض تجاهل تحذيرات أوباما بأضرار صدور القانون على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية سياسيًا واقتصاديًا خاصة مع «شريك وحليف» استراتيجى منذ الثلاثينيات فى منطقة الشرق الأوسط وهو السعودية.
فهل يعنى ذلك وضع العراقيل و«الأشواك» فى طريق الرئيس الأمريكى المقبل إلى البيت الأبيض؟
فالقرار الذى تم تفعيله بالفعل بأول دعوى قضائية من أرملة أحد الضباط الأمريكان له تداعياته الخطيرة على الأقل فى الجانب الاقتصادى، فالسعودية بالتأكيد لن تظل صامتة أو مكتوفة الأيدى أمام القانون الذى يخترق السيادة السعودية وسيادة عدد من دول المنطقة.
السعودية كانت حذرت من قبل صدور القانون من عواقبه على «شراكة متينة منذ عقود» بين البلدين، وهددت ببيع سندات خزانة وأصول بالولايات المتحدة تصل قيمتها لـ750 مليار دولار، فى حال إقرار الكونغرس لمشروع قانون جاستا، فهل تعيد السعودية ودول المنطقة حساباتها فى العلاقات مع واشنطن خاصة فى الجانب الاقتصادى للتأثير على الاقتصاد الأمريكى المترهل وبالتالى التأثير على متخذ القرار، بمعنى آخر هل تفكر السعودية فى سحب استثماراتها من أمريكا خوفا من التجميد والمصادرة؟
حتى هذه اللحظة لا تعطى تعليقات المسؤولين السعوديين تصورًا عما يمكن أن يكون عليه رد فعل الرياض تجاه القانون، وخلال زيارته يوم الخميس الماضى لأنقرة، قال ولى العهد السعودى الأمير محمد بن نايف إن «الاستهداف واضح ولا يختلف عليه اثنان، لكن المهم أن نحصّن أنفسنا قدر الإمكان».
بقى أن نعرف أن حجم الاستثمارات السعودية فى أذون وسندات الخزانة الأمريكية، يبلغ 116.8 مليار دولار، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية فى مايو الماضى، بخلاف الاستثمارات الخاصة التى تتراوح فى بعض التقديرات أكثر من 800 مليار دولار.