أسقط المرشحان لانتخابات الرئاسة الأمريكية، الديمقراطية هيلارى كلينتون، والجمهورى دونالد ترامب من حساباتهما الحرب الدائرة فى أفغانستان، وتجنبا الحديث فى مناظراتهما ومؤتمراتهما الانتخابية الحاشدة عن الحرب الدائرة هناك والجرائم التى ارتكبتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة فى تلك المدينة منذ اندلاع الحرب قبل 16 عاما وحتى الآن.
وبالرغم من أن المعركة التى بدأت عام 2001، تعد الأطول فى تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن "كلينتون" و"ترامب" آثرا أن يلقيان الضوء على الحرب الدائرة فى سوريا، وأسقطا عن عمد الملف الأفغانى الذى فشلت فيه الإدارة الأمريكية بعد عجزها عن تفكيك تنظيم القاعدة بالكامل.
وفى عامها السادس عشر، تتواصل الأزمة الأفغانية فى ظل عجز كامل للولايات المتحدة عن تحقيق أى تقدم يذكر، حيث تتزايد الهجمات التى ينفذها الإرهابيين، ويحقق مقاتلوا طالبان مكسب تلو الآخر، ويسيطرون على أراض جديدة بعد إنهاء قوات تحالف الناتو مهمتها وتركها بضعة آلاف من القوات الأجنبية للمشاركة فى أعمال التدريب ومكافحة الإرهاب.
وبالرغم من تصريحات الرئيس أوباما فى 2014 عن أن الحرب قد قاربت على الانتهاء، إلا أنه تراجع عن قرار سحب أو تقليل عدد القوات الأمريكية المتمركزة هناك بنهاية هذا العام، والتى تصل لأكثر من 8000 فرد، وهم أيضا يقومون بتدريب قوات الأمن الأفغانية بموجب الاتفاقية الأمنية الثنائية الموقعة بين البلدين فى سبتمبر من ذلك العام.
ويرجح مراقبين عدم اهتمام المرشحان للبيت الأبيض بالملف الأفغانى لما يمثله تنظيم داعش المنتشر فى سوريا والعراق من مخاطر مباشرة على المواطنين الأمريكيين والأوروبيين داخل بلدانهم، الأمر الذى جعل الشأن السورى مقدما عما سواه فى برامج كلينتون وترامب، ولكن إحصائيات أخيرة نشرها موقع I Casualties المتخصص فى متابعة عدد ضحايا القوات الدولية بحرب أفغانستان والعراق كشفت عن أن عدد الأمريكيين الذين قتلوا فى أفغانستان منذ العام 2014 يزيد بأربعة أضعاف العدد الذى قتل على يد داعش فى سوريا والعراق.
إحصائيات موقع I Casualties عن أعداد ضحايا حربى العراق وأفغانستان
وانتقد "سايمون تسدال" فى مقال بصحيفة الجارديان البريطانية تجاهل المرشحين الرئاسيين تناول الحرب فى أفغانستان بمناظراتهما الثلاث، واصفا أفغانستان بأنها "أصبحت السر الصغير القذر بحملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية التى لا يهتم بمناقشته أيا من المرشحين.
وعلى الرغم من مشاركته نفس الرأى، إلا أن الصحفى الأمريكى "يوشى دريزين" الذى عمل مراسلا لسنوات بأفغانستان والعراق عزى التجاهل المتعمد للحرب إلى أسباب وصفها بـ"المعقولة" تخص كل من المرشحين.
فبحسب مقال "دريزين" بموقع Vox الأمريكى، لم ترد كلينتون لفت الانتباه إلى حلقة جديدة من الماضى ليست مفضلة من قبل الناخبين، خاصة أن المرشحة الديمقراطية كانت من مؤيدى إرسال قوات لأفغانستان عندما كانت تتقلد منصب وزيرة الخارجية، كما أنها وفقا للكاتب تواجه انتقادات بسبب دعمها للحرب بالعراق والتدخل الأمريكى فى ليبيا.
بينما بدا ترامب متعثرا عند حديثه عن الحرب فى أفغانستان والتى قال عنها إنها كانت "خطئا فادحا" ولكنه دعم بقاء القوات لفترة من الوقت بسبب قرب الدولة من باكستان المسلحة نوويا. وقد حظى تصريح المرشح الجمهورى بتعليق ساخر من متحدث باسم حركة طالبان لشبكة ان بى سى الأمريكية حيث قال إن ترامب يتفوه بما يأتى على لسانه وأنه ليس جادا.
ولكن أيا ما كان السبب، فإن الصمت إزاء الحرب بأفغانستان هو "عار حقيقى" خاصة وأن مستقبل الحرب سيحدده الرئيس القادم للبيت الأبيض، فإما أن يترك القوات أو يسحبها أو يرسل دعما أكثر مع الأخذ فى الاعتبار استمرار استيلاء طالبان على أراض، على حد قول "دريزين".
ولا تعتبر طالبان الخطر الوحيد الذى يواجه الولايات المتحدة فى أفغانستان، حيث أن القوات تلاحق مقاتلى تنظيم القاعدة فى سبع مقاطعات أفغانية على الأقل، بينما اكتسب داعش موطئ قدم فى شرق البلاد كما أنه أعلن مسئوليته عن هجوم انتحارى استهدف مظاهرة كبيرة لأقلية الهزارة بالعاصمة كابول أسفر عنه مقتل 80 شخصا فى يونيو الماضى.
هجمات الفصائل المختلفة بأفغانستان - خريطة بى بى سى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة