القيم والأخلاق الإنسانية هى التى تضمن الأمن للمجتمعات وتحقق السعادة والاقتصاد المزدهر
هل جربت يومًا أن تقابل الإساءة بالإحسان، وأن ترد الشر بالخير؟ لو كنت من هؤلاء، فحتمًا أنت ممن يؤمنون بقوة الخير فى الحياة، وأن الشر لايواجه بالشر، بل يواجه بفعل الخير، فيزيل الشر دون عنف أو صراع، وهو ما يسمى بـ«قانون الإزاحة»، الذى يزرع محبة وسعادة فى قلوب الناس، سقاؤها الخير، هكذا كل فعال للخير لايحصد سوى الخير، «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ»، فمن الخطأ التسليم بفكرة الصراع التى تسيطر على عقول البعض، باعتبار الصراع هو الحل، لأن القيم والأخلاق الإنسانية هى التى تضمن الأمن للمجتمعات وتحقق السعادة والاقتصاد المزدهر، بينما الصراعات تجعلها تعيش فى أجواء من الفوضى والاضطرابات، وهذا ضد مراد الله فى الكون، لأنها تهدم فكرة «إعمار الأرض»، فحين يسود الصراع تتراجع قيمة الخير لصالح الشر، وتغيب تمامًا روح التعاون بين الأفراد والمجتمعات.
قانون الإزاحة: قانون الإزاحة «ليس اختراعًا لنا، بل له أصل وسند من القرآن «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ»، وهو قائم على فكرة أن الخير سيزيح الشر مهما بلغت قوة الشر، والدليل «مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»، فقوة الحسنة الواحدة بمقدار 10 سيئات.. سأل عبدالله بن رواحة النبى صلى الله عليه وسلم فقال: «أوصنى يا رسول الله، فقال له: يا عبدالله: «لا تيأس وإن أسأت تسعًا أن تُحسن واحدة، فالحسنة بعشر أمثالها فيقبلك الله عز وجل». إذا آمنت بقوة الخير، فإنه سيعود عليك أضعافًا مضاعفة، لأنه ليس هناك ما هو أقوى من الخير فى الوجود.. فهو أقوى من السلاح والصراع والعنف والمال، هل تعرف لماذا؟! لأنه من الله «وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا»، فقط الخير.. اختصر الدين والقرآن فى كلمة الخير، والخير بيد الله «قل اللهم مالك الملك.. بيدك الخير»، كان من دعاء النبى: «لبيك وسعديك والخير كله بيديك».
الخير لا يموت: لو لم يكن الخير هو الأصل والأقوى والأطول عمرًا لما كان قد ورد ذكره فى القرآن 188 مرة، والخير لا يموت أبدًا، حتى وإن مات صاحبه، لأنه سيجده فى ذريته من بعده، فعل الأب الخير فحفظ الله لولديه من بعده الكنز، «وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ»، لماذا؟ ونحن لسنا أمة صراع «كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ» لنا نموذج متفرد جعل الله يصفنا بخير أمة، لكننا عشنا نموذج الغرب وتركنا الإسلام، ونحن نظن أننا نفعّل فكر الإسلام، بينما فى الحقيقة نعيش بفكر عكس الإسلام، لا يزال فى إمكاننا تغيير الصورة المشوهة، املأ الدنيا خيرًا من اليوم «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».
كان هناك رجل فى صعيد مصر يحب عمل الخير وكان يعمل فى صناعة الحُصر «الفرش»، وكان كلما سمع عن خير فى بلده يذهب إليه، حينما يسمع عن جلسة صلح بين عائلتين، أو أن هناك فرحًا يحمل الحصر ليجلس الناس عليه، كلما يأتيه خبر خير يذهب إليه ويحمل بين يديه الحصر، وفى يوم من الأيام نام هذا الرجل، فرأى فى المنام أنه يخرج من ظهره شعاع نور ينير للناس فى الأرض، فكان تأويل الرؤيا أنه سيكون من ذرية هذا الرجل من يعلم الناس الخير والعلم. وبالفعل بعد أعوام ولد الشيخ محمود خليل الحصرى الذى علّم الناس ومازال هو المسطرة التى تقاس عليه صحة التلاوة للقرآن الكريم، ولم يتوقف الخير، حيث قامت بعده ابنته الحاجة ياسمين الحصرى بإنشاء المسجد ودار الأيتام وجمعية خيرية لخدمة الفقراء والمساكين.. كل هذا بقوة خير الجد.
الخير بديلاً للصراع: من الضرورى أن نستبدل بفكرة الصراع فكرة فعل الخير، لأننا إذا ما قابلنا الإساءة بالإساءة فمتى تتوقف الإساءة؟ اعمل الخير فى أهله وفى غير أهله، فإن لم يكونوا أهله فأنت أهله، فلايوجد إنسان لا يحب الخير، لكن من الصعب أن نجد إنسانًا يمارس حبه للخير.. وإن كان الأمر ليس بهذا السوء الذى يتصوره البعض فى هذه الأيام بأنه لم يعد هناك خير فى الناس، فإنه هذا ليس صحيحًا، لأن الناس مليئة بالخير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة