50 يومًا مرت على عرض فيلم "تحت الترابيزة" فى دور العرض السينمائية، وما صاحبه من جدل ونقد، فى الوسط السينمائى، لعدم توفيقه فى تحصيل إيرادات كبيرة كالتى اعتاد بطل الفيلم محمد سعد على تحقيقها.. ومن وقتها لم يظهر النجم الكوميدى فى أى وسيلة إعلامية.. لم يغضب.. ولم يثر تجاه الحملات التى نالت منه.. لم ينطق بكلمة أو جملة أو حرف.. بل فوض أمره الى الله.. والتزم الصمت الرهيب.. أغلق هاتفه.. وتحصن بالصبر..المقربون من محمد سعد يعلمون أنه فنان قاس على نفسه، ينجح في إضحاك الجميع.. لكنه لا يُضحك روحه، بل يبكيها ويعاتبها كثيرًا بينه وبينها.. وكأن قدر نجوم الضحك أن يقسوا على أنفسهم، فهكذا كان إسماعيل يس والريحانى.
محمد سعد
مؤخرًا طلبت لقاءه حتى أعرف عن قرب مشاعره تجاه ما حدث والأثر الذى تركه "تحت الترابيزة" فى نفسه.. فدعانى لمكتبه الخاص بمنزله، وذهبت، وما إن رأيته حتى داعبته منشدا بيت شعر من رائعة "قارئة الفنجان" للشاعر الكبير نزار قبانى يقول فيه :"ستحب كثيرًا يا ولدى.. وتموت كثيرًا يا ولدى.. وتعشق كل نساء الأرض وترجع كالملك المخدوع.. مقدورك أن تمضى أبدا فى بحر الحب بغير قلوع.. وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع".. ضحك "اللمبى" وقال :"لعلك تقصد ما حدث معى، فى فيلمى الأخير، حلو تعبير الملك المخدوع.. دعنى استعيره من الأستاذ نزار قبانى وأقول إن ما حدث معى خداع.. أنا الفنان المخدوع".
بيت الشعر ترك أثرًا كبيرًا فى قلب النجم الكوميدى.. فسألته بماذا تشعر الآن؟
قال :"أشعر بـ "الرضا الكبير"، يكفى أنى عندما أضع رأسى على الوسادة أنام بضمير.. مستريح البال والبلبال.. لم أظلم أحد فى حياتى.. ولا أحب الظلم.. وما حدث معى خيانة.. أنت تعلم تفاصيلها بحكم عملك كصحفى، وبعض العاملين فى الوسط السينمائى يعرفونها.. اتغدر بىّ.. وكل إنسان يجازيه ربنا ولا أنظر ورائى، بل أمامى دائما، وليس أمامى سوى النجاح واستكمال المشوار.
يقول النقاد إن سعد لم يعد نجم شباك.. وانقسم جمهور "السوشيال ميديا" ضد الهجمة التى تعرضت لها بين مؤيد ومعارض ومستنكر لما حدث معك؟ ماذا تقول أنت؟
أقول إن :"النجومية من عند ربنا ومش من صنع النقاد، والجمهور هو اللى بيقعد النجم على الكرسى، وليس الناقد.. وأنا ثقتى فى جمهورى كبيرة، وهو الذى قام بالرد على الجميع وقت ان استباحوا دمى ومزقونى فى الصحف والمجلات ومواقع التواصل الاجتماعى، وأعتبر أن هذا الجمهور هو النائب العام بتاعى، وكان شادد الجلسة كويس، ورفض اختلاط العاطل بالباطل.. لكن بالنسبة للنقاد أقسم لك من عام 2002 منذ أن توجت بطلا منفردا فى "اللمبى" وإلى الآن، وأنا احتفظ بجميع مقالاتهم التى كتبت عنى، فى أرشيف خاص بى، وأؤكد أن جميع المقالات السلبية التى كتبت ضدى "هى هى" ليس بها تغيير أو تنوع أو نقد يدفع للأمام، وإذا "شلت" ما كُتب عن "اللمبى" ووضعت مكانه ما كتب عن فيلم "كركر" أو عن فيلم "كتكوت" هتلاقيه "هو هو وكلهم اسطمبة واحدة"، لذلك لا يشغلنى حديث النقاد، ولا أهتم به، يعيبون على الفنان أنه لا يطور من أدواته، وهم أنفسهم بلا تطوير أو تجديد.
مشهد من تحت الترابيزة
يصف نزار قبانى النقاد بقوله :"هم كالأطفال الذين يتسلقون عربة الحنطور وأنا السائق وكلما تسلقوا العربة ضربتهم بالكرباج وانطلق أنا نحو الأمام".. فماذا ترد أنت عليهم؟
يضحك محمد سعد كثيرًا من تشبيه نزار قبانى ويقول :"لا أعرف ماذا يريدون منى؟.. هم مستكترين علىّ اللى أنا فيه.. وبيتلككوا عشان يطلعوا في "القطط الفطسانة"، ولست أدرى هل هم حاقدين علىّ، أم على فنى وما أقدمه، لكن أريد أن أوجه لهم سؤالا ماذا تريدون منى؟.
تعيب على النقاد عدم تنوعهم فى الكتابة.. هل ترى أن محمد سعد فنان متنوع؟
"طبعا فنان متنوع" وأذكر لك الدليل إذا نظرت لشخصياتى ستجد اختلافا فى كل شخصية قدمتها عن الأخرى، فهل مثلا "اللمبى" يشبه "أطاطا"، هل "بوحة" يشبه "عوكل"، هل "كركر" يشبه "تتح"، هل "كتكوت" يشبه "الحناوى" أو "رياض المنفلوطى"، كل شخصية أقف على تجسيدها بمفردات مختلفة، وبها جهد كبير، خصوصا فى أداء حركة الجسد، وطريقة الكلام وإلقاء "الايفهات" فكيف لا أكون فنانا متنوعا فى أدوارى وشخصياتى!.
فيلم تحت الترابيزة
بعيدا عن هجوم النقاد.. كيف استقبلت صدمة الخيانة؟
بعد انتهاء تصوير "تحت الترابيزة"، وقبل عرضه بيومين سافرت خارج مصر وتحديدا كنت فى دولة الإمارات، لقضاء أجازة مع الأسرة، وطُرح الفيلم هناك بالتزامن مع طرحه فى مصر.. كان الإقبال كبير جدا لدرجة أنني لم استطع مشاهدة الفيلم مع أسرتى هناك، وكلما ذهبت لدار عرض يلتف حولى الجمهور لالتقاط صور تذكارية معى، واتفقت مع أسرتى على مشاهدة الفيلم عقب عودتنا لمصر.. ووقتها فرحت جدا برد الفعل من جمهور الخليج، وقلت بالتأكيد إن العمل ناجح فى مصر على قدر مستوى نجاحه فى الدول العربية.. وكانت المفاجأة غير المتوقعة ولا أريد أن أحكى شىء عن الكواليس، لأنى لا أنظر خلفى أبدا.
وماذا كان شعور الأسرة بعد العودة للقاهرة والاصطدام بالواقع؟
"كان عادى جدًا، وبصراحة مصدقوش، لأنهم شافوا النجاح الكبير للفيلم قدام عينهم خارج مصر، وبحمد ربنا إن ده حصل، حتى زملاء أولادى كانوا يخبرونهم أن الفيلم جيد جدا وضحكوا عندما شاهدوه، وهذه كانت عوامل ساعدت على تجاوز الأزمة".
هل أصابك القلق على مستقبلك؟
أبداً.. أنا مؤمن بقضاء الله وبقدره، وكل "اللى يجيبه ربنا كويس"، و"ياما دقت على الراس طبول"، وأريد أن أقول لك جاءنى شغل وسيناريوهات هذه الأيام أكثر من أى وقت مضى، وكلها تحت بند القراءة، والحمد لله راض عن نفسى، ويكفى أنى لا أظلم أحدا ومستريح الضمير.
ربما يسأل الناس عن حالتك النفسية الآن بعد 50 يومًا على عرض الفيلم؟
"زى الفل، وبحمد الله فى كل لحظة، ونعم ربنا علىّ كثيرة ويكفى حب الجمهور لى، واكتشفت هذا بعينى، فى كل شارع، وكل مكان أذهب إليه، وأيضا يخبرنى أصدقائى بحالة الحب التى انتشرت على "السوشيال ميديا" ومدى التعاطف والحنو من قبل الجمهور علىّ، وعندما يقابلنى الناس فى الشارع يحيونى بلهفة وحب، وهذا كله توفيق ورضا من عند ربنا سبحانه وتعالى، ودائما أرى الحب فى عيون الناس تجاهى ويقولون لى :"أنت بتموتنا من الضحك، بمجرد لما نشوفك بس على الشاشة، وده من عند ربنا مش من عند محمد سعد، أنا بجتهد وسأظل أجتهد طالما بى نفس، وأقدم كل ما استطيع، أنا بعشق مهنتى وهفضل أديها بكل قوة وأقولها بأعلى صوتى لن ألتفت ورائى أبدًا".
حسن حسنى ومحمد سعد
بعد هذه التجربة الصعبة.. هل عرفت معنى الصداقة؟
نعم.. تعلمت أن صديقك من يصدقك وليس من يخونك أو "يضحك عليك".. والإنسان يظل يتعلم مدى حياته، بس المهم يتعلم ويخرج بالدروس المستفادة من التجربة.
وما هى الدروس المستفادة التى عرفتها من تلك التجربة؟
عرفت إن "مفيش أصحاب فى الشغل".
ماذا تقول لجمهورك؟
أرسل لهم ألف قُبلة، وأقول :"كتر خيركم على كل هذا الحب وهذه المشاعر تجاهى"، والكلام لا يكفى لرد جميلكم علىّ"، وأقدم لكم وردة انتظروها فى فيلمى الجديد "الكنز" مع المخرج الكبير شريف عرفة.
محمد سعد والعباس السكرى
ما هى ملامح الشخصية التى تلعبها فى فيلم "الكنز"؟
أفصح لك عنها لأول مرة، أجسد شخصية "رئيس البوليس السياسى" فى عهد الملك فاروق، وبعض أحداث العمل تدور فى هذه الحقبة، والشخصية بها أبعاد نفسية واجتماعية كثيرة، الدور من لحم ودم، حتى النظرة مكتوبة بحرفية فى السيناريو الذى صاغه عبد الرحيم كمال ببراعة، ويخرجه العبقرى شريف عرفة، وهذا العمل فخر لى، لعودتى مع الاستاذ الكبير شريف عرفة الذى تنبأ بنجوميتى قبل أن تظهر، ووقف فى العرض الخاص لفيلم "الناظر" قبل 14 عام يقول بأعلى صوته النجم الصاعد محمد سعد، بل كتبها على التترات ووقتها لم يكن يعرفنى أحد، هذا المخرج أكن له الكثير من الاحترام والود والتقدير، هو ناظر مدرسة الإخراج فى مصر، ومكتشف النجوم، ومخرج استطيع أن أقول عنه "بتاع مناجم" بمعنى لو بداخلك منجم دهب ومدفون هات شريف عرفة يطلعه، وأؤكد أن هذا العمل وردة أقدمها لجمهورى وقت عرضه، وأستطيع الجزم أن الفيلم مضمون النجاح، لأن هناك أيضا بخلاف نجومه ومخرجه جهة انتاجية محترمة متمثلة فى وليد صبرى تقف خلفه وتدعمه حتى يخرج للجمهور فى صورة جيدة ومميزة.
كيف تلعب شخصية رئيس البوليس السياسى؟
أقدمها بشكل جديد خالص، "يعنى مثلا لن أظهر بطريقة النجم توفيق الدقن فى فيلم "فى بيتنا رجل" هذا الفنان الكبير الذى عندما أشاهده "بيموتنى من الضحك"، ولن أكون أحمد زكى فى "زوجة رجل مهم"، لكن هناك انفعالات وتراجيديا كبيرة ستظهر تبعا لسياق الأحداث، وفى كل الأحوال أتمنى أن تنال اعجاب الجمهور.
الفيلم يضم أكثر من نجم.. كيف يخرج شريف عرفة من مطب ترتيب الأسماء على التتر؟
بصراحة شريف عرفة مخرج كبير يعى تاريخ النجم ويقّدره، وكما يقال "لكل مقام مقال"، لذلك فالمخرج شريف عرفة سيحسم مسألة ترتيب الأسماء، ولو سألت أحد من الفنانين المشاركين سيقولون لك "كل نجم بيصنع أفيش لنفسه داخل الفيلم" من خلال الشخصية التى يقدمها، ولا أسعى إلا للنجاح، وأقصد بالنجاح النجاح الكبير.
متى تبدأ تصويره؟
الموعد النهائى يحدده المخرج، لكنى أعكف على قراءة الشخصية ودراستها قبل بدء التصوير، لأنى كما قلت لك أسعى للنجاح الكبير.
آخر كلمة ينهى بها محمد سعد الحوار؟
الحمد لله، هى آخر كلمة أقولها وكلى طمأنينة وثقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة