لكل معركة وطنية فى تاريخنا غناء خاص بها، وفى كتابه الجديد «العصر الذهبى للغناء المصرى - مواقف وحكايات»، يتحدث الدكتور نبيل حنفى محمود عن «الأناشيد الوطنية» التى اشتهرت فى تاريخ مصر، وهى نوع من الغناء له مذاق خاص، واللافت فيه أنه يكون ذائعا فى زمنه ويتغنى به الجميع، ثم يتوارى بعد انتهاء المعركة الوطنية التى ولد من رحمها، وهذه مسألة تحتاج إلى دراسة.
عن ثورة 1919، يذكر المؤلف أن الجماهير كانت تردد فى الشوارع المحيطة بمنزل سعد زغلول بالقاهرة أناشيد كثيرة منها: «يحيا سعد» لحن أحمد خيرت ولقنه للصبية والأطفال، ليرددوه فى الشوارع على أنغام المزامير وقرع الطبول، كما نظم ولحن الصحفى المعروف فكرى أباظة نشيد «أبناء الوطن هلموا/ سيروا إلى الأمام / ارفعوا الصوت قويا / فالحر لا يضام»، وعاقبه الاحتلال الإنجليزى بإصدار حكم بإعدامه، كما تغنت الجماهير بالأغنية الشعبية الشهيرة «يا وابور الساعة 12 يا مقبل ع الصعيد»، بعد أن أبدل مجهول كلماتها بمناسبة نفى سعد زغلول إلى مالطة لتصبح: «يا وابور الساعة 12/ يا مقبل على مالطة/ هات لى معاك بلطة/ اكسر بيها قيودي/ أرجع مجد جدودى»، أما نشيد«قوم يا مصرى» تأليف بديع خيرى وتلحين سيد درويش يظل أشهر أناشيد ثورة 1919.
يرصد المؤلف مسألة اختيار نشيدا وطنيا لمصر، بدءا من نشيد «بنى مصر مكانكمو تهيا / فهيا شيدوا للمك هيا/ تأليف أحمد شوقى وألحان سيد درويش عام 1921، ثم نشيد «بلادى بلادى لك حبى وفؤاد» تأليف يونس القاضى وتلحين سيد درويش وأنشده المطرب المخضرم محمد بخيت عام 1923، وفى عام 1935 تم الإعلان عن مسابقة لتأليف نشيد وطنى، وفاز بالمركز الأول «بلادى بلادى فداك دمى» للشاعر محمود محمد صادق.
بعد ثورة 23 يوليو ووفقا للمؤلف، بزغ 48 عملا غنائيا أطلقتها الإذاعة المصرية فى أسبوع واحد أثناء العدوان الثلاثى على مصر أول نوفمبر 1956، ووفقا لاستفتاء نظمته مجلة الإذاعة والتليفزيون مطلع عام 1957 لاختيار أنجح الأغانى الوطنية، حصل نشيد «الله أكبر» على المركز الأول تأليف عبدالله شمس الدين، ولحن محمود الشريف وغناء أصوات مجموعة المرددين من الإذاعة، وتلاه نشيد «والله زمان يا سلاحى»، تأليف صلاح جاهين ولحن كمال الطويل وغناء أم كلثوم، وجاء فى المركز الثالث نشيد «دع سمائى» تأليف كمال عبد الحليم ولحن على إسماعيل وغناء فايدة كامل، واختير نشيد «والله زمان يا سلاحى» نشيدا وطنيا لمصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة