لم يكن مستغربًا على أحد أن يمنح المسئولين عن جائزة نوبل، الرئيس الكولمبى "خوان مانويل سانتوس" جائزة نوبل للسلام لهذا العام بعد توقيعه اتفاق سلام نهائى مع زعيم حركة "فارك" المتمردة "تيموليون خيمينيس"، نهاية سبتمبر الماضى، لإنهاء حربًا استمرت أكثر من نصف قرن وأدت إلى مقتل ربع مليون شخص.
ولأول مرة على الأراضي الكولومبية، تصافح "سانتوس" البالغ من العمر 65 عامًا من عمره، و"خيمينيس" المعروف أيضًا بلقب "تيموشينكو" والبالغ من العمر 57 عامَا، وذلك بعد مفاوضات تواصلت 4 سنوات فى العاصمة الكوبية هافانا، وتوجت بتوصل حكومة كولومبيا وحركة "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) اليسارية إلى اتفاق سلام تاريخى يتوقع أن ينهى أطول حرب فى تاريخ الأمريكيتين.
وإلى جانب الوقف الشامل للأعمال القتالية فى البلاد، تنص هذه الوثيقة على تخلى عناصر "فارك" عن سلاحهم وتقديمه للأمم المتحدة فى غضون 180 يومًا، وإعلان الحكومة عن العفو العام بحق جميع المتمردين، باستثناء هؤلاء الذين تورطوا في ارتكاب جرائم حرب بالغة الخطورة، ودمج المسلحين السابقين فى النسيج الاجتماعى الكولومبى، وإنشاء محاكم خاصة للتحقيق فى الجرائم التى تم ارتكابها على مدى السنوات الـ52 للحرب، وكذلك إجراء إصلاح زراعى كبير، وهو من أهم مطالب الحركة، التى كانت تعلن دائمًا أنها تمثل طبقات الفلاحين الفقراء.
ويقضي الاتفاق بحل "فارك"، التى كان يقاتل تحت علمها من 6 إلى 7 آلاف عنصر، كتنظيم مسلح، وتحويلها إلى حزب سياسى سيحارب فى صناديق الاقتراع بدلًا من ساحات القتال التى كانت تشغلها منذ العام 1964.
ويتطلب تطبيق بعض مبادئ الاتفاق إجراء عدد من التعديلات الدستورية، التى سيتم التصويت عليها فى استفتاء شعبى عام بشهر أكتوبر الجارى.
وجرت مراسم توقيع الاتفاق فى مدينة قرطاجنة الكولومبية ذات الأسوار التى تعود للحقبة الاستعمارية، بحضور نحو 2500 من الشخصيات البارزة الأجنبية والمحلية.
وكان من بين الضيوف، الذين طلب منهم أن يرتدوا ملابس بيضاء، الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون، والرئيس الكوبى راؤول كاسترو، ووزير الخارجية الأمريكى جون كيري، بالإضافة إلى عشرات من زعماء دول أمريكا اللاتينية.
وفي كلمة ألقاها قبل مراسم التوقيع، قال سانتوس، الذي خاطر بسمعته لتحقيق السلام: "سنوقع بقلم من رصاصة... لنظهر التحول من الرصاص إلى التعليم والمستقبل".
وبدأت حركة "فارك" نشاطها فى عام 1964 كتمرد للمزارعين، وأصبحت بعد ذلك لاعبًا كبيرًا فى تجارة الكوكايين، وكانت تجند ما يصل إلى 20 ألف مقاتل فى أزهى أوقاتها.
وتمكنت القوات الكولومبية الحكومية، خلال عدة سنوات ماضية، من توجيه عدد من الضربات الموجعة إلى الحركة، فيما توفى زعيم "فارك" مانويل مارولاندو، الذى كان يترأس الحركة منذ تأسيسها، في عام 2008 بعد إصابته بنوبة قلبية، ليقتل خليفته فى منصب القائد العام لـ"فارك" ألفونسو كانو فى العام 2011 فى عملية للجيش.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة