قبل عام تقريباً جرى حديث مطول حول وضع آلية للتعامل الاقتصادى بين مصر وروسيا، قوامها المقايضة بين الجنيه المصرى والروبل الروسى، وعقدت اجتماعات شهدت مفاوضات ونقاشات مطولة حول هذا الشأن، لكن فجأة توقف الأمر تماماً، خاصة فى ظل صدور قرار روسى بوقف رحلاتها السياسية إلى مصر، فى أعقاب سقوط الطائرة الروسية فى سيناء فى 31 أكتوبر 2015.
توقفت المفاوضات رغم أن خبراء اقتصاديين أكدوا أهمية الخطوة فى زيادة التعاون الاقتصادى بين البلدين، وإعادة التوازن مرة أخرى لقيمة العملتين الجنيه والروبل مقابل الدولار الأمريكى، وهو نفس الأمر الذى يأمل الخبراء أن يتحقق من الخطوة التى تم إعلانها قبل أسبوعين تقريبا بإجراء المقايضة بين الجنيه واليوان الصينى.
اليوان الصينى انضم رسمياً فى الأول من أكتوبر الجارى إلى سلة العملات الرسمية لصندوق النقد الدولى، ليضاف إلى الدولار والجنيه الإسترلينى واليورو والين اليابانى، وهو ما يعزز وضعه فى الاقتصاد الدولى، وقد سمعنا التصريحات المرحبة بهذه الخطوة من جانب المسؤولين المصريين ومن بينهم الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس الذى قال إن إضافة «اليوان الصينى» إلى سلة وحدات حقوق السحب الخاصة وسلة العملات التى يتم تحصيل رسوم العبور على أساسها بقناة السويس، يمثل إضافة قوية ويحمى إيرادات القناة من التقلبات فى أسعار الدولار، خاصة فى ظل عدم الاستقرار الذى يشهده الاقتصاد العالمى.
السؤال الآن، ما الذى يمكن أن يقدمه اليوان للاقتصاد المصرى، وهل يمكن اعتباره بديلاً للتعامل بالدولار؟.. آخذاً فى الاعتبار انخراط البلدين فى مفاوضات للارتقاء بالتعاون المالى الثنائى لإقامة آلية ثنائية لمقايضة العملات، وقالت الصين إن المحادثات الجارية بين البنك المركزى المصرى وبنك الشعب الصينى «البنك المركزى» حول هذا الموضوع حققت نتائج أولية رغم عدم تحديد المبالغ التى ستتم مقايضتها فى إطار تلك الآلية حتى الآن، لكن المهم فى هذا الأمر أن متخصصين صينيين قالوا إن آلية مقايضة العملات المرتقبة ستعود بالفائدة على البلدين معا وتمنح بكل تأكيد قوة دفع هائلة لتعاونها الاقتصادى والمالى المستقبلى.
الصين تنظر للأمر بأهمية كبيرة، تحديداً مع تزايد حجم التجارة الثنائية وتدفق الاستثمارات الصينية إلى مصر والمشاركة المصرية فى مبادرة «الحزام والطريق»، فالصينيون يرغبون فى الاستفادة من الفرص الإستثمارية المتاحة حالياً فى مصر، لذلك فهى تنظر لمقايضة العملات مع مصر باعتبارها وسيلة مفيدة لدفع عملية تدويل اليوان قبل أن يصبح عملة صعبة معترفا بها دوليا، فضلاً عن تسهيل الوجود الاستثمارى للصين فى مصر.
أمر آخر مفيد للصينيين من هذا الأمر، وهو أنه سيضفى سهولة أكبر أيضا على استهلاك الصينيين للمنتجات فى السوق السياحية المصرية، علماً بأنه فى عام 2015 وصل عدد السائحين الصينيين الذين زاروا مصر إلى 115 ألف سائح، وبلغت مدة الإقامة فى الفنادق 637 ألف يوم، بزيادة 87 % و62 % على التوالى عن العام السابق، ومن ثم، فإن التعامل باليوان مباشرة فى مصر سيزيد قطعا من جاذبية مصر كمقصد سياحى رئيسى للصينيين بعد إقامة آلية مقايضة العملات بين البلدين فى المستقبل.
الأرقام الاقتصادية تشير إلى أن الصين شريك تجارى مهم لمصر، فمصر تحتل المركز الـ42 من بين الشركاء التجاريين للصين وثالث أكبر سوق تصدير من بين الدول العربية، أما الصين فهى أكبر مصدر لواردات مصر، وفى عام 2015 بلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 12.9 مليار دولار، كما تجاوزت قيمة الاستثمارات الصينية فى مصر ستة مليارات دولار.
بلغة الإرقام إذا دخل الجنيه المصرى فى مقايضة مع اليوان الصينى سنشهد تغيرات إيجابية على مستوى سوق الصرف، وسيعزز من مكانة الجنيه المصرى فى مواجهة الدولار الأمريكى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة