باعتراف عدد من الصحفيين والكتاب الأمريكيين، فقد حقق الإعلام الأمريكى بوسائله المتعددة «فشلا ذريعا» فى الحملة الانتخابية للرئاسة التى فاز بها ترامب. ما حدث كان «مهزلة حقيقية ومعركة قذرة»، كما وصفت بعض الكتابات، استخدم فيها الجميع أسلحة التشهير والأكاذيب والرشاوى عبر الصحف والمجلات وقنوات التليفزون ووسائل التواصل الاجتماعى.
أكذوبة ووهم المهنية والمصداقية التى صبغ بها الإعلام الأمريكى نفسه طوال سنوات طويلة سقطت تحت أقدام المال السياسى والانحياز الواضح لصالح مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون وقيادة أكبر حملة تشهير ضد المرشح الجمهورى دونالد ترامب، فيما بدت أنها عملية محسوبة ومرتبة ومبرمجة، فلم يتعرض مرشح أمريكى للرئاسة من تشهير وحرب تشويه سمعه من وسائل إعلام عريقة وقديمة، مثلما تعرض ترامب حتى تصور الشعب الأمريكى أن كلينوت هى الفائزة لا جدال بالانتخابات الرئاسية والمسألة مجرد وقت فقط، ثم كانت الصدمة التى تسبب فيها الإعلام الأمريكى ومراكز الاستطلاع الأمريكية التى فقدت هى الأخرى جزءا كبيرا من مصداقيتها ومهنيتها التى اعتدنا تصديقها والأخذ بها كمسلمات فى الحكم على شخص أو حدث أومناسبة ما، حوالى 20 مركزا متخصصا فى استطلاعات الرأى أجرى أكثر من 80 استطلاعا كلها أظهرت تفوق كلينتون على ترامب سوى استطلاعين فقط لصالح المرشح الجمهورى.
الإعلام الأمريكى تسبب فى أزمة حقيقية للشعب الأمريكى، وكما قالت مجلة «ذا اتلانتيك»، فقد فقد الأمريكيون الثقة فيمن ينتخب بسبب هوس الإعلام وجنونه وانحيازه السافر، فأكبر الصحف الأمريكية مثل الواشنطن بوست تباهت بعدم حصول ترامب على دعم الصحف اليومية بسبب «الفضائح الجنسية والتهرب الضريبى والعنصرية»، فى المقابل، حصلت كلينتون على دعم أكثر من 122 صحيفة ومجلة، منها: الواشنطن بوست ذاتها، «نيويورك تايمز»، «يو إس توداى»، «لوس أنجلس تايمز»، و«فورين بوليسى» وغيرها.
ويبدو أن المآزق التى وضع فيه الإعلام الأمريكى نفسه سوف يحتاج إلى مراجعة شديدة ومحاسبة بعد تورطها الشديد إلى حد «الإسفاف» لصالح مرشح ضد مرشح آخر فى حضور المال السياسى وسطوته، الذى قدره خبراء بما يتجاوز ما بين 2-3 مليارات دولار، وكما نشرت صحيفة «واشنطن بوست» فإن شركات وأغنياء فى الولايات المتحدة قد تبرعوا بـ 600 مليون دولار أمريكى للحزب الديمقراطى.
الانتخابات الأمريكية كشف زيف «المهنية والموضوعية» للإعلام الأمريكى، وستلاحقه لعنة الانحياز والخداع للرأى العام العالمى لسنوات قادمة.